المهدي المنتظر.. دراسةٌ حول علائم ظهوره
العناوين:
مقدمه
التمهيد
المهدي فى الإعلام الغربي
ساحة العمليات
فلسفة الإنتظار
صورة عن الدولة المهدية المباركة
اتكاءة
المصادر
التمهيد
تكاد تتفق جميع الاديان على فكرة ظهور مخلص في آخر الزمان ينقذ البشرية من معاناتها، و يزيح عن كاهلها ثقل الظلم و الجور، و يريحها من انعكاسات التوتر و القلق التي تصيغ طابع حياة أفرادها بفعل تسلط الجبابرة، و عجز الأنظمة الوضعية عن إيجاد حلول ناجعة لجميع مشاكل الإنسان.
و لعل ما يرسخ فكرة (المنقذ) في النفس الانسانية و هو تطلعها للوصول إلى حالة التوازن بين الغائب و الواقع، بين المادة و الروح، بين الأمل بالخلاص من جحيم المعاناة القاسية التي تتقاسمها حالات القلق و الخوف من المجهول و بين الصبر في
هذا الموضع و هذا يشكل معادلا موضوعياً لفكرة المنقذ المنتظر وفق الوقائع التي تمليها الحقائق العلمية و الفكرية و الاعتبارية.
لذا فإن الاعتقاد بوجود المهدي (عج) و حتمية ظهوره، هو فكر انساني فذ، عبّر الفكر الديني عنه لضمان استقرار هذا الوجود الانساني القلق بطبيعته، و طمأنينته بالنظر لأن منبع فكرة المهدي المنتظر هو التراث الاسلامي الذي احتضنها و باركها و قوّمها لنا من خلال المئات من الاحاديث النبوية الشريفة الا أننا نجد تميزاً لديهم و ما تشكله من مرتكز أساسي لعقيدتهم التي يلعب رسول الله(ص) دورا أساسيا فيها.
لذا فالبحث في هذا الموضوع لديهم قد أخذ نصيبه الوافى، و بالشكل الذي يلقي الضوء على موضوع (وراثة الأرض) من قبل القائم بالأمر الذي هو الإمام المهدي الثاني عشر في تسلسل الأئمة(ع) لديهم، والذي ولد في عام (155 هـ. ق) في سامراء و غاب عن الأنظار ابتعاداً عن كيد الظالمين مرتين أحدهما الغيبة الصغري التي كان يتصل بها بالمكلفين عن طريق (نواب له) بلغ عددهم أربعة، ثم غاب الغيبة الكبري التي لن يظهر بعدها إلا حين يأذن الله تعالى له بها، حيث يملأُ الارض قسطاً و عدلا، بعد أن ملئت جوراً و ظلماً.
و عملية الظهور المنتظرة و العلامات التي تسبقها هى محور موضوعنا هذا حيث سنقوم بتقسيط الأحاديث الواردة في عملية الظهور (هندسياً) على أرض الواقع الجغرافي و السياسي الراهنة، إن كان فيما يخص منطقة (عمليات الظهور) أو المناطق الأخرى. و من خلال استقرائنا لعلامات الظهور التي وردت في الأحاديث النبوية الشريفة و الاحاديث التي رواها أئمة اهل البيت(ع)، نستطيع تقييم العلامات إلى نوعين:
1 ـ علامات تبدأ قريبة من موعد الظهور: منها: سماع صيحة في السماء في (23 رمضان) يفهمها أهل كل أرض بلغتهم وظهور حمرة فى السماء وظهور السفياني و خسف بالبيداء هى جزيرة العرب و... من العلامات المحددة الواضحة و القريبة من فترة
الظهور.
2 ـ علامات إضافية: حدث الكثير منها، و البعض الأخر مستمر في الحدوث جراء تسلسل الأحداث ـ دراماتيكياً ـ في العالم وفق منظور سنن التاريخ و تداعيات حالات الظلم التي تعاني منها الإنسانية في كل جوانب الحياة، و الجزء الثاني هو الذي سيهمنا في هذا العرض السريع.
حيث أننا على أعتاب الألفية الثالثة، فإنّنا نكاد أن نحسس بالحاجة القوية لأن يبدأ هذا القرن ونحن (المظلومون في الأرض) ننعم بحياة تخلو من الظلم و التمايز و إزدواجية المعايير، والفقر و المرض و المجاعة و الدكتاتوريات و ما تفرز من ظواهر إجتماعية و نفسية و سياسية ملأت سجلاتنا الطبية بقوائم طويلة من الأمراض النفسية و العقد السلوكية، و جعلتنا أساري التوتر و القلق و الخوف من الغد، و الكدح من أجل لقمة العيش (المعجونة) بدمائنا تارة و بعرقنا و دموعنا تارة أخرى.
و الأرضية العامة التي تشكل قاعدة إنطلاق كلمة الظهور، هى انتشار الفساد و الظلم في الارض، و هي تكاد تكون مهيئة بشكل (نموذجى).
صكته)(2)، و هذه و لاشك فتنة الغرب و ثقافته و امتداداته المحسوسة و غير المحسوسة في جميع تفاصيل حياتنا و التي تشكل (العولمة) حالة متقدمة لها.
ـــــــــــــــــــــ
1 ـ المجلسى، العلامة محمدباقر، بحار الانوار، ج 22، ص 389.
2 ـ المروزى، نعيم بن حماد، كتاب الفتن، ص 30.
و من العلامات الأخري، هى تسلط اليهود و علوّهم في الارض، و سعيهم فيها فساداً، و تشير الأحاديث التي تروى عن الإمام الصادق و الباقر(ع) إلى تسميتها بفتنة فلسطين، و لاشك أن ما تفعله (إسرائيل) اليوم من دور مأساوي في حياتنا كمسلمين، و ما تفعله (اللوبي اليهودي) في العالم من تحكم بمصائر اقتصاديات العالم يفوق كل تصور، و يعجّل من مسيرة الأحداث باتجاه الإقتراب من بوابة (عصر الظهور) وفق التصورات المنطقية لمجريات الأحداث. كما أن قيام الجمهورية الإسلامية المباركة في إيران، و تمكنها من مواجهة الظروف الصعبة وكما ورد في أحاديث عديدة وللدور الذي ستلعبه هذه الدولة في التمهيد لثورة الإمام المهدي (عج) فقد اقتضى المقام الإشارة إلى أهمية هذا الدور من منطلق أهمية الدعم الذي ستقدمه هذه الدولة الكريمة المنظومة الحركية المهدية و إعلامياً و سياسياً و عسكرياً، إضافة إلى حجم الحشد الجماهيري الذي سيؤيد انطلاقة هذه الثورة و الذي يتمتع حتماً بتبنّ عقائدي متقدم للإيمان بفكرة الظهور و هو مايتمتع به الشعب الإيراني المسلم اليوم.
العراق إضافة إلى أحاديث أخرى تتحدث عن «خسف ببلدة البصرة، و دماء تسفك بها و خراب دورها و فناء يقع في أهلها، و شمول أهل العراق خوف لايكون معه قرار»(2) و قد حدث الكثير من هذا للبصرة خلال فترات زمنية قريبة، و منها خلال الحرب العراقية الإيرانية (التي ورد الحديث عنها كإحدى علامات الظهور) في أحاديث متنوعة، و منها خلال حرب الخليج الثانية التي شملتها أيضاً إضاءات في أحاديث عديدة. وتشير
ـــــــــــــــــــــ
1 - المجلسي، العلاّمة محمدباقر، بحارالأنوار، ج 52، ص 222.
2 ـ المجلسى، العلامة محمدباقر، بحار الانوار، ج 52، ص 221.
الأحاديث أيضاً إلى نزاع عراقي تركي ـ سوري محتمل حول (كنز يظهر في أعالي الفرات)(1) و قد يكون المقصود بالكنز اعتبارياً يعني (بالماء) فقط و ما يؤيد هذا وجود نوايا تركية خبيثة للاستئثار بمياه دجلة و الفرات و تقنين انسيابها إلى العراق و سوريا و التلميح ببيعها لهم و لدول أخرى مستقبلا و قديكون لإكتشاف معادن ثمينة في هذا المثلث الخطر وبالذات في منطقة (قرقيسيا) القريبة من هذا المثلث و التي تذكر في الأحاديث (بالاسم) و التي تشير الدراسات الجيولوجية إلى وجود خامات و معادن متنوعة فيها.
و لابد من التلميح إلى أن علامات كثيرة أخرى قد حدثت بالفعل لانريد الخوض في (تفاصيلها) و منها (قتل أهل مصر أميرهم)(3) و ملك الصبيان و السفهاء، و غربة الاسلام و معاناة المسلمين في ديارهم و خارجها، إضافة إلى أحداث واقعية تضفي على عصر الظهور سمات الواقعية و قرب الأمل بالخلاص الالهي ـ الوعد ـ الذي وعدالله به الأمة من منطلق قوله تعالى: (و نريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين)(4).
و هذه الوراثة الربانية لن تتحقق إلا حين يكون الوارث مؤهلا شرعياً بالتميز و التفوق على الأخرين بميزات و مؤهلات تظللها العناية الألهية، و يحكمها عدل الوارث و إحاطته بالعلم اللدني و حمله للشرائط العامة للإمام ـ وفق ـ التصور الاسلامي.
المهدي في الإعلام الغربي
استحوذت فكرة المهدي في الإعلام الغربي على حيز كبير خاصة بعد صدور كتاب
ـــــــــــــــــــــ
1 ـ معجم أحاديث المهدى(ع)، (گردآورى)، ج 1، ص 428.
(2)2 - للتعرف على المزيد منها أنصح بقراءة كتاب (عصر الظهور) للشيخ علي الكوراني.
3 ـ المجلسى، ]العلامة[ محمدباقر، بحار الانوار، ج 52، ص 257.
4 - القصص: 28 / 5.
(تنبؤات نوسترادموس) و تحويل إحدى محاور هذه التنبؤات و المتعلقة بخروج رجل من ذرية نبي الإسلام محمد(ص)، في آخرالزمان يحارب الغرب و ينتصر عليه و يقيم دولة (كبري) إلى فلم سينمائي في منتصف الثمانينات من هذا القرن و قد ركز الفلم على فكرة الإيحاء للغربيين بما سيشكله هذا الأمر من خطر على الحضارة الغربية، و لتنمية مشاعر العداء والبغض للمسلمين باعتبارهم (الخطر المؤجل) الذي يتقدم ببطء لتحطيم أصنام الحضارة الغربية.
و بلا شك فإن للوبي الصهيوني دور كبير يحكم سيطرته على مفاصل الإعلام الغربي في تحريك و تفعيل هذا التوجه و بما يحقق ذات الهدف و يدفع بدوائر القرار في الإدارة الأمريكية إلى التعامل مع موضوع الظهور تعاملا واقعياً يتجاوز إطار التنبؤات و الروايات، خاصة و أن ما يحدث في أنحاء متقدمة من بلدان العالم من صحوة إسلامية (و ان تباينت طرق التعبير عنها) تعكس حجم القلق الذي سيؤدي بهذه الدوائر إلى التعامل مع هذه الصحوة ـ المبشرة ـ ببزوغ فجر جديد يحكم العالم لصيغ و علاقات تكون بديلا للفوضى الأخلاقية و الاجتماعية و الاقتصادية التي أفرزتها الحضارة الغَربية و تجسيد فكرة صراع الحضارات تجسيداً واقعياً.
وفي ذات الوقت فإن المخابرات الأمريكية و كما أشيع تملك ملفاً ضخماً عن الإمام المهدي (عج) اعتمدت في إعداده على خبراءها المتخصصون و أن ما ينقص الملف هذا هو (صورة الإمام المهدي (عج))كما ذكر ذلك الشيخ الكوراني في مقدمة عصر الظهور.
و قد ابتدأ هذا الاهتمام يأخذ مداه بعد حادثة الحرم المكي الشريف في محرم 1400 هـ. ق و ما تلاها من تداعيات لم تنته إلا بتدخل قوات الكوموندور الفرنسي التي وضعت حداً لتلك الحركة التي طالبت بالتغيير باسم (المهدي)..
كما أزداد الاهتمام بها بعد أن تبنت الثورة الإسلامية في ايران المشروع النهضوي الإسلامي المعاصر الذي جسد النموذج الواقعي للفكر السياسي الاسلامي و الذي
حوّل الأفكار الى واقع حىّ أكّد بشكل واضح صلاحية الفكر الاسلامي لقيادة الأمة بل و نجاحه في تجاوز كل العقبات المستحدثة و المرتجلة و المفتعلة في إطار الصراع الأزلي بين الخير و الشر، و أصبح المرشد العام للثورة يسمى (نائب الإمام) وفقاً لمنظور فقهي متجدد طرحته هذه الثورة يشكل نموذجاً إسلامياً فريداً في الحكم الاسلامي القائم على أسس حضارية و تاريخية قوية.
ساحة العمليات
تمتد الساحة التي ستجري عليها احداث الظهور لتشمل تسلسل مبرمج للأحداث و خصوصية واقعية تفرض نفسها في سياق الناتج الفعلي المحكوم بإرادة الامام (ع) و افكاره و توجيهاته و التي تمليها حكمته المستمدة من رصيدة العظيم من الحكمة و الرعاية الالهية.
و هذا ما سيمنح قرارات الإمام بعداً تنفيذياً كبيراً على صعيد الطاعة الانية و حصاد النتائج التي يوفرها الجو الإيماني المتشبع بالمدد الالهي و القوى الغيبد التي ستفشل جميع أسلحة التكنولوجيا و تقنيات المعلومات و تعكس الوجه المتفوق لهذه الحركة الثورية و بما يشيع عوامل الخوف الاحباط لدي أعداء الاسلام و تلي عملية الظهور التي ستكون في مكة في يوم العاشر من محرم فعاليات متعددة و مواجهات دامية مع قوي السلطة في الحجاز التي تكون على درجة كبيرة من التفكك و الضعف بسبب النزاعات الدامية بين الأمراء على الملك.
و بعد استتباب الأوضاع و خضوع الجزيرة العربية، و فشل قوات السفياني التي ستتحرك من بلاد الشام المساندة (سلطات الحجاز) و حدوث معجزة الخسف (الزلزال) الذي يأتي على جيش السفياني، يتحرك الامام باتجاه الخليج الفارسي و تحدث معركة بحرية كبيرة بين قواته التي تساندها البحرية الايرانية و بين أساطيل الغرب الموجودة في الخليج الفارسي (حالياً) تنتهي بنصر كبير للأمام حيث يتوجه إلى
العراق الذي يكون حينها مفككاً منهكاً بسبب حروب عديدة كان قد دخلها و تحدث مواجهة أخرى مع قوات السفياني تنتهي (بفتح) العراق، حيث يتخذ من الكوفة مقراً لدولته، و يبدأ بإعداد العدد لمواجهة السفياني من جديد بعد أن تدعمه القوي الغربية و إسرائيل ليكون خط الدفاع الأول عن دولة اليهود الغاصبة المفسدة التي تستشعر قرب نهايتها كما هو مذكور في التوراة على يد رجل من ذرية محمد(ص) و تدور رحى أعني معركة في التاريخ تنتهي بانتصار جيش الإمام و تحرير بيت المقدس و بلاد الشام و انضمامها إلى دولة المهدي التي تكون حينها قد ضمّت العراق و بلاد الشام و دول الخليج الفارسي و اليمن (التي يكون صاحبها من أنصار الإمام منذ بداية الظهور)، إضافة إلى الجزيرة العربية و مصر و دول المغرب العربي و السودان و ايران و عقب انتصاراته المتلاحقة على الغرب تعقد الهدنة معهم، ثم يقوموا بنقضها بعد عامين حيث تتحرك قوات الإمام لفتح الدول الأروبية ثم يقوم السيد المسيح (ع) بالإشراف على حكم هذه الدول ممثلا للإمام المهدى(عج)، و قد استغنينا في هذا العرض السريع لساحة العمليات عن الكثير من التفاصيل المتعلقة بالموضوع و حاولنا تقريب فكرة أن مسرح العمليات مؤهل بشكل كبير لإستضافة فعاليات هذه المبارزة الكبيرة بين الحق و الباطل، و التي تم تأجيلها بإرادة الهية، إن الفكرة بكاملها تستحق أن تكون محور تدور حوله الأسئلة عن جدوي أو لاجدوي الإعتقاد بالمهدي(ع) ليس ارتجالا ساذجاً و لانكراناً متعمداً و كان وفق صيغ التمسك بالفكرة بعد الوعي و الحاجة اعتماداً على المقدمات و الاسباب و إحاطة بالنتائج التي تفرزها المراحل التاريخية.
فلسفة الانتظار
يوجب علي المسلمين عموماً و باختلاف مذاهبهم التمسك بفكرة تحقق الوعد الالهي باستخلاف المستضعفين و اقامة دولة القرآن (التي سنتكلم لاحقاً عن بعض عناوينها الشاملة) من منطلق الاعتقاد بالقرآن، و اذا ما استدركنا أكثر فإن الالتزام بالسنة
النبوية و الاعتقاد بها يوجب علينا الايمان بعقيدة المهدي(ع) و الاستعداد لها من خلال تحويل (الإنتظار) الى عامل دفع نفسي يؤدي بنا إلى تنقيه أنفسنا من الادران و إعادة بناء الذات بما يجعل من المسلم كفء للدور المشرف الذي يمكن لأن يلعبه حيث يحوز شرف المساهمة في جيش المهدى، هذا الانتظار يجب أن يكون ايجابياً متحركاً، يجعلنا على أهبة الإستعداد النفسي و الجسدي و الفكري، و متمنطقين بطهارة روحية، و تعال واضح عن جميع عوامل الضعف و التردد و الخنوع كما يحرك فينا عوامل المواجهة مع الذات و ضد الظالم في كل عصر و مكان و بما يمنحنا من أمل نستطيع به التغلب على اليأس و الخنوع الذي نستنشقه كل يوم مع غبار الدعة و الخذوع و القهر.
و بالمقابل، فإن الانتظار يستلزم منا تحصين أنفسنا ضد كل البدع الإعلامية و الضلالية التي سيقوم بها الغرب لتسفيه أو تشويه هذه الفكرة، و هنا لابد لنا من الاستفادة من العلم و مواكبة النقد التكنولوجي و العلمي و تحسين قدراتنا في ميادين الإتصالات و المعلومات و ما يتبعها فردياً و جماعياً من أجل أن يكون الإستعداد في ذروته، و بهذا نكون قد قدمنا خدمة لأنفسنا و أمتنا إن أدركنا الظهور أو لم ندركه و هنا تبرز المزايا الخفية في فلسفة الإنتظار الأيجابي و مما يجدر ذكره أن سعى الغرب لمحاربة و تعطيل المسيرة المهدية سيتخذ أساليب متعددة منها سيعتمد استخدام كل ما يملك من قدرات مادية و معنوية و سيكون الغرب هو التجسيد الواقعي لفكرة الأعور الدجال التي وردت في الأحاديث النبوية المباركة، و الذي سيحاول تعطيل المسيرة المتقدمة بتطبيط الناس و تظليلهم بأساليب إعلامية و مادية كإستخدام البث التلفزيوني المضلل، أو تطويع نظم البث و الإتصالات و الإنترنيت بما يشوه صورة الإمام و يعكس الصورة التي يريدها الغرب عنها كما يستخدم القوة و التهديد و الترغيب و توزيع الهدايا و الهبات على المترددين من أبناء الأرض و ضعاف النفوس و المرتبطين بالحضارة المادية، و لعلّ فكرة (الأعور) الذي يبصر بعين واحدة تنطبق على الحضارة الغربية التي تظهر الأمور ككل بعين المادة (المادة) و تهمل الروح تكون العدو التقليدي
للحضارة الاسلامية المتكاملة الوارثة بالوعد الالهي.
صورة عن الدولة المهدية المباركة
حتى يكون للوعد الالهي قيمة عظمى، بالإستناد إلى حقيقة و أهمية هذا الوعد، فلا بد حينها أن يتفوق هذا الأسناد على كل ما هو معروف من صيغ و أشكال و معادلات بشرية، و بالشكل الذي يضفي على هذه التجربة الموعودة كل صفات الكمال و النجاح لذا فإن إستعراضنا لملامح هذه الدولة العظمية سيتركز على العناوين الرئيسية لها لتحقيق حالة فهم عصري، و استيعاب واقعي لهذه الملاح.
فمن المؤكد أن الخير الوفير سيعم الأرض و أن الأرض (تظهر خيراتها) كما ورد في الحديث الشريف، و ستزداد غلة الدونم الواحد من الأرض أضعافاً مضاعفة و تنتشر زراعة أصناف نباتية متنوعة.
و كذا من الجوانب الأخرى حين يخرج الله على يديه ما تبقي من فروع العلم الأخرى حيث ورد (إن العلم سبع و عشرون باباً لم يفتح الله منها إلا بابان) فلنا أن نتخيل الكم الهائل من المعرفة و الإختراعات و التقنية التي ستحكم العالم بعد أن ينشرها الإمام المهدي و بالمقابل لنا تخيل حجم الرفاهية التي سيعيشها الناس في أمن و طيب و دعة و هدوء و عدل يستمد أسسه من الحكم بالقرآن الذي سيكون بلاشك دستور الدولة المهدية.
كما ستتعمق الصلة بالعوالم الأخرى و يزداد علم الإنسان بالفضاء مع نشر كنوز المعرفة القرآنية و فتح طلاسمها المغلقة إلا على أولياء الله الصالحين، و هذا ما سيجعل الإنسانية تدخل مرحلة أخرى من مراحل الإتصال و التعايش مع الفضاء أو مع كائنات أخرى لم يستطع العقل البشري الإحاطة بها علماً.
و هنا لابد من الاشارة الى أن الايمان الذي سيعمر قلوب الناس سيكون مدعاة لهم لأن يتعاملوا بالحسنى، فتنتهي الجرائم و تتحقق حالة الاكتفاء الذاتي من الماديات التي تغلق أبواب المنازعات الفردية و الجماعية...
انها صورة لدولة فاضلة تقوم على العدل الإلهي و تقوم بوعد الهي كدليل من الله تعالى على انه لم يترك الإنسانية دون صحبة حاضر غائب ننتفع به غائباً انتفاعنا بنور الشمس التي حجبتها الغيوم و حاضراً (ان شاء الله تعالى) نوراً يضىء لنا المدلهم من دروب الحياة.
اتكاءة
انتظار ظهوره عند مواليه كله تشوق و تصبر و أمل نظموه نثراً و شعراً و تراثاً و سكبوه مداداً و دماءاً و دموعاً فقصيدة شاعرهم السيد حيدر الحلّي(ره) مسكة نختم بها هذه الدراسة:
مات التصبر في انتظا رك أيها المحيي الشريعه
فأنهض فما أبقى التحملُ غيرَ أحشاء جزوعه
قد مزَّقت ثوبَ الأسى و شكت لِواصِلها القطيعه
فالسيف انّ به شفاء قُلوبِ شيعتك الوجيعه
فسواهُ منهم ليس يُنعِشُ هذه النفس الصريعه
طالت حبال عواتق فمتى تكون به قطيعه
كم ذا العقودُ و دينكم هُدِمت قواعده الرفيعه
تنعي الفروعُ أُصولَه و أصولُه تنعى فروعه
فيه تحكّم من أباح الـ يوم حوزته المنيعه
فأشحذ شبا عضب له الأ رواح مُذعنةٌ مُطيعه
أن يدعُها خفّت لدعـ وَته و ان ثقلت سريعه
و أطلب به بدم القتيل بكربلاء في خير شيعه
ماذا يُهيجك ان صبرت لوقعة الطف الفضيعه
أترى تجيء فجيعةٌ بأمضَّ من تلك الفجيعه
حيثُ الحسينُ على الثرى خيلُ العِدى طحنت ضُلوعه
قتلته آل اُميّة ظام الى جنب الشريعه
و رضيعُه بدم الوريد مخضَّبٌ فأطلب رضيعه
يا غيرةَ الله اهتفي بحميّة الدين المنيعه
و ضَبا انتقامِكِ جرّدي لطلا ذوي البغى التليعه
و دعى جنودَ الله تملأُ هذه الأرضَ الوسيعه
المصادر
ـ القرآن الكريم.
ـ الكوراني، الشيخ علي، عصر الظهور.
ـ المجلسي، العلاّمة محمدباقر، بحارالأنوار.
ـ المروزى، نعيم بن حماد، كتاب الفتن.
ـ معجم أحاديث المهدى(ع)، ج 1.