منافع وجود الإمام وحكمة الغيبة

منافع وجود الإمام عليه السلام وحكمة الغيبة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على أحبِّ خلقه وسيد بريته سيدنا ومولانا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين المنتجبين الغرِّ الميامين, لا سيما بقية الله في الأرضين الحجة ابن الحسن المهدي أرواحنا فداه.

واللعنة الدائمة على أعدائهم وظالميهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم وجاحدي حقوقهم قاطبة من الجن والإنس إلى يوم الدين..آمين يا ربَّ العالمين.

انتهى بنا موضوع البحث, الموضوع الثاني في غيبة الإمام المهدي أرواحنا فداه والحكمة فيها، وقدمنا بأن الحكم المستفادة من الأدلة الشريفة والتي يعاضدها العقل هي خمس حكم:

الحكمة الأولى:

الحكمة الأولى لغيبة الإمام أرواحنا فداه هي التحذر على نفسه ودفع خطر القتل بواسطة الغيبة.

والتحذر بالغيبة مستفاد من الروايات الشريفة، بل هو أمر عقلي عرفي كما بيناه مفصلاً، ولكن بعد قبول أن الغيبة كانت لأجل التحذر بالغيبة.

وقلنا بأن هناك تساؤلات في مسألة الغيبة وانتهت الأسئلة إلى السؤال الأخير وهو: ما فائدة الإمام عليه السلام في غيبته إذا كان غائباً ؟ وكيف ينتفع به الناس ؟

قلنا: إن هناك فوائد جمّة في مسألة الإمام عليه السلام ووجوده وإن كان غائباً, ومن تلك الفوائد التي يساعد عليها الدليل قلنا:

الفائدة الأولى:

إن نفس وجود الإمام روحي فداه موضوع لحصول المعرفة والإيمان، فإن من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.

الفائدة الثانية:

إن وجود الإمام روحي فداه وجود للحجة الإلهية والبينة الربانية، ولولا الحجة لساخت الأرض بأهلها.

الفائدة الثالثة:

التي تعرضنا إليها إشارة إلى أن الإمام عليه السلام مركز الأمور الكونية وواسطة للفيوضات الإلهية والمقدمات الإلهية، واستدللنا بالآية الشريفة في سورة القدر (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) (1)، قلنا بأن صيغة التنزل صيغة مضارعة تفيد الاستمرار، أي كلما كانت ليلة القدر نزلت الملائكة وروح القدس, بأي شيء نزلت ؟ نزلت بإذن الله من كل أمر من الأمور المقدرة للخلق وللموجودات، من كل أمر _ كل أداة تعميم _ والأمر شيء منكر يفيد العموم، نزلت بكل الأمور, بلّغت جميع الأمور, أخبرت بجميع الأمور.

لمن تخبر؟ الجواب: ألا إنها تخبر الرسول صلى الله عليه وآله في حين وجوده، ولكن بعد شهادة رسول الله من تخبر؟ يلزم أن تخبر الإمام روحي فداه, تخبر وصيه, تخبر الأئمة الذين هم خلفاء الله وخلفاء الرسول، وإلاّ لكان نزول الملائكة بالوحي نزول بالأخبار والمقدرات بدون داعٍ, لغواً وعبثاً، تنزل الملائكة وتخبر, من تخبر؟ هل تخبر الهواء؟ لا يمكن ذلك، إلاّ إذا كان المفروض النـزول والصعود، فليحفظ في اللوح المحفوظ.

إذن هي تنـزل بالأخبار وبالمقدرات كما كانت تنزل على الرسول صلى الله عليه وآله كذلك تنزل على الإمام، وليس هناك مهبط إلا أئمة أهل البيت أرواحنا فداهم.

إذن وجوده استمرار لنـزول المقدرات الكونية، لذلك لو رفعت ليلة القدر لساخت الأرض، أي لارتفعت الأرض ولم تبقَ الدنيا لحظة واحدة, هذه المقدرات لم تُقدر ولم تنزل لولا وجود الإمام أرواحنا فداه، ليكون واسطة لبيان المقدرات ولتقيم المقدرات لهبوط الملائكة بالمقدرات لجميع الموجودات وفي كل أمر.

وهذه أكبر فائدة، وهي فائدة عظمى لا يمكن استبدالها والاستغناء عنها.

ولزيادة هذه الأمور من جهة بعض الروايات الشريفة التي تؤيد هذا المعنى بل تصرّح بهذا المعنى, ولعلّ ممّا يدل على أن جميع المقدرات تنزل على أهل البيت أرواحنا فداهم الزيارة المطلقة الحسينية الأولى، التي هي من أصح الزيارات، يكتفي بها الصدوق في الفقيه(2)، ويذكرها الكليني أعلى مقامه في مقام بيان كيفية زيارة الإمام الحسين(3) عليه السلام ورواتها جميعهم أجلاء والراوي الأخير المباشر عن الإمام جماعة من الفقهاء هم: الحسين بن ثويب بن أبي فاختة والمفضل الجعفي ويونس بن عبد الرحمن يروون كلهم:

وكان المتكلم منا يونس فسأل أبا عبد الله عليه السلام: أريد زيارة الحسين فكيف أزور؟ وكيف أصنع ؟ قال عليه السلامائت شاطئ الفرات واغتسل والبس أنظف ثيابك ثم امش بطمأنينة ووقار وسبح الله، فإذا وصلت إلى قبر الحسين عليه السلام فكبر ثلاثين مرة ثم قل:

السلام عليك يا حجة الله وابن حجته.. إلى هذه الفقرة التي هي محل الشاهد.. بكم يمحو ما يشاء وبكم يثبت وبكم يفك الذل من رقابنا وبكم يدرك الله ترة كل مؤمن وبكم تنبت الأرض أشجارها وبكم تخرج الأشجار أثمارها وبكم تنزل السماء قطرها وبكم  يكشف الله الكرب وبكم ينـزل الله الغيث وبكم تسيخ _ يعني تستقر _ الأرض التي تحمل أبدانكم وتستقر جبالها, إرادة الرب..

والمقصود بهذه الكلمة العظيمة «إرادة الرب» إرادة رب العالمين في مقادير أموره, جميع ما يقدر من جميع أمور الله، لا أمر واحد، وإنما بصيغة الجمع.. في جميع أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم لا محيص عن هذا النزول والهبوط، تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم.

إذن فمحل الإرادات ومحل التقادير الإلهية هم أهل البيت، والذين الآن خاتمهم الإمام المهدي أرواحنا فداه، لذلك وجوده وجود ضروري أكيد وحتمي لا يمكن أن يستغنى عنه، فكيف يقال ما فائدة إمام غائب؟

الفائدة الرابعة:

أن الإمام عليه السلام حتى إذا كان غائباً له مقام الشاهدية يشهد على الخلق، لأن من عدالة الله سبحانه وتعالى، كما ثبت في باب التوحيد، أنه إنما يجازي مع الشهادة، وإنما يجازي مع الأشهاد الذين يشهدون بذنب شخص فيعاقبه، ويشهدون بحسن أعمال شخص فيثيبه, كل هذا حسب العدالة وبحسب الشهادة وبحسب الإخبار القطعي في الآية الشريفة (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيد) (4)، أنتم يا أهل البيت شهداء على الناس والرسول شهيد عليكم.

فلولا الأئمة ولولا وجود الإمام الغائب من يشهد عند الله في المحكمة الإلهية في زمان الإمام الحجة روحي فداه؟ إذن وجوده ضروري لشهادته يوم القيامة بتنصيص الكتاب.

الفائدة الخامسة:

إن وجوده فينا هو طمأنينة للقلوب واستقرار, لأن وجوده كوجود رسول الله روحي فداه، ألا تلاحظون في كتب السير العامة والخاصة ينقل عن الصحابة أنهم كانوا يقولون: «كنا نلتجئ برسول الله إذا اشتد البأس والحرب وهو أقربنا إلى العدو؟».(5)

فالنفس تطمئن ووجود الرسول وجود يغني عن أي شيء وعن أي حاجة ويوجب الاطمئنان للقلب والاستقرار للنفس, وجوده كافي الاستقرار والاطمئنان.

والإمام كالرسول في جميع الخصوصيات إلا مسألة الرسالة، لذلك وجود الإمام بنفسه قوة للقلب فإذا كان إحساسنا بأن الإمام موجود وإن كان غائباً نستقر بأن العذاب مرفوع عنا وأن الرحمة نازلة بنا، ووجوده يكون موجباً إلى الاطمئنان، لذلك جاء في الحديث الرضوي الشريف أن الإمام هو مفزع العباد في الداهية النادّ(6)، أي العظيمة, فوجوده يوجب الاطمئنان وإن كان غائباً.

الفائدة السادسة:

إن الإمام أرواحنا فداه له اللطف ولوجوده اللطف, وجوده لطف وتصرّفه لطف آخر, نفس الوجود لطف من الله تعالى لأنه يمد الخلق ولأنه يعين الخلق والمخلوقات والموجودات, فكم يعين المحتاجين ويعرف الضالين وينجي المؤمنين ألا تلاحظون كم من مريض قد شفي ببركة الحجة روحي فداه؟ وكم من عطشان قد أرواه؟ وكم من مضطر قد نجا في المهلكات؟ وكم من شخص ضالٍّ في الطريق قد هداه؟ وعاجز قد أغناه؟ فوجوده لطف على العباد وإن كان غائباً وغير مرئي.

الفائدة السابعة:

هي الفائدة التي بيّنها الرسول الأعظم والإمام الصادق وكذلك الإمام المهدي في بعض التوقيعات، وهي أن وجوده كالشمس التي غيبتها السحب, «كالشمس إذا جللّتها السحب» وهذا وجود مفيد كوجود الشمس.

وهذا تشبيه لطيف من التشبيهات اللطيفة، بل من ألطف وأحسن أنواع التشبيه, تشبيه بالشمس المجلّلة بالسحاب في رواية الرسول الأعظم وفي حديث الإمام الصادق وفي حديث التوقيع، كلها مذكورة في كمال الدين حيث سئل الرسول صلى الله عليه وآله: كيف ينتفع بالإمام في غيبته؟ فقال: والذي بعثني بالنبوة إنهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلّلها سحاب.(7)

وكذلك في الحديث الصادقي: ينتفعون به كانتفاعهم بالشمس إذا سترها السحاب.(8)

وفي التوقيع الشريف: الانتفاع بي في غيبتي كالانتفاع بالشمس إذا غيبتها عن الأبصار السحاب.(9)

وهو من أجمل أنواع التشبيه, تعرفون أن للشمس الدور القيادي في جميع المنظومة الشمسية وفي جميع الكواكب الكونية، ولولا الشمس ولولا جاذبية الشمس لاختلّت جميع حركاتها، فالشمس كأنها قائد للكواكب له الدور القيادي في تنظيم الكواكب, وكذلك وجود الإمام الحجة له الدور القيادي في جميع الموجودات ولولاه لساخت الأرض بأهلها.

وكذلك من حيث الاستفادة بالضوء كنور الشمس وينتفع به ولو كان خلف السحاب, وجميع الموجودات شجرها وإنسانها ونباتها وأرضها, الجميع يستفيدون بنور الشمس كل بقدر ما يحتاج وإن كان خلف السحاب، إنه ينوّر العالم بوجوده ولولاه لا ظلمّت الدنيا ولولاه لما كانت الدنيا مضيئة ولما كانت مستقرّة ولما سكن إليها أحد, وجوده ينير الدنيا ويضيء القلب روحي فداه.

إضافة إلى أن التعبير بالتجليل (يجلّلها السحاب في اللغة العربية: السحاب قسموه إلى أقسام: السحاب الممطر والسحاب المجلل، وعند صاحب مجمع البحرين(10) أعلى الله مقامه يبين ما مضمونه السحاب المجلّل: هو السحاب الذي يجلل الأرض ويعمها بمطره كأنه المطر الذي يعم, ويسمى مجلل السحاب الذي له مطر يعم وإن كان مستوراً وإن كان غير مرئي لانه مستور مع عموم خيره لجميع الموجودات كالمطرالذي يصيب الغث والسمين ويصيب من ينتفع به من جميع الموجودات.

إذن فالانتفاع بالإمام المهدي بتنصيص الرسول والأئمة أرواحنا فداهم كالانتفاع بالشمس، وهل يستغني الناس عن الشمس؟ بالله عليكم ممكن إذا سرمد الليل هل يكون للناس حياة في هذه الدنيا؟! وكذلك يكون الاحتياج إلى الإمام روحي فداه.

الفائدة الثامنة:

وهي الأخيرة، المستفادة أيضاً من الروايات أن وجوده روحي فداه رعاية للشيعة، دعاء للشيعة، بوجوده ينتفعون وبدعائه الذي يستجاب ولا يرد عن ربِّ العالمين، كما بينه هو روحي فداه في رسالتيه إلى الشيخ الأعظم المفيد أعلى الله مقامه.

هناك رسالتان يذكرهما الطبرسي أعلى الله مقامه في الاحتجاج(11) تلقاهما الشيخ الأعظم المفيد من الإمام الحجة من الناحية المقدسة, في الرسالة الأولى هذا بعض النص أبينه لخدمتكم:

«نحن وإن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين فإنا نحيط علماً بأنبائكم _ انباؤكم أمام عيني أراها وأحيط بها علماً ولا يعزب عنا شيء من أخباركم.. إلى أن يقول: إنا غير مهملين لمراعاتكم _ بأبي وأمي يراعي جميع شيعته _ إنّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء _ اللأواء يعني الشدة والضيق _ واصطلمكم الأعداء وجوده بهذه المثابة وجود للمراعاة, مراعاة الشيعة ورعاية الشيعة _ ثم يقول عليه السلامفليعمل كل امرئ منكم بما يقرب من محبتنا ويتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فإن أمرنا بغتة وفجأة حين لا تنفعه توبة».

وبيّن في الرسالة الثانية:

«إننا من وراء حفظهم _ يعني الشيعة _ بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء، فلتطمئن بذلك من أوليائنا القلوب وليتقوا بالكفاية منه».

يدعو للشيعة، رعاية للشيعة، وجميع الأعمال، وجميع الأفعال تكون بمنظره، في بعض الروايات أنه تعرض عليه الأعمال, إذا كان والعياذ بالله قد عصى الشيعي يستغفر له, وإن كان قد أحسن يطلب له الجزاء ويطلب له العمل أكثر.(12)

لذلك فوجود الإمام روحي فداه وجود مفيد للشيعة بالمراعاة وبالدعاء, ذلك الدعاء الذي يكون مستجاباً قطعاً عند الله.

هذه فوائد ثمانية تستفاد من الأدلة، ويؤيدها العقل، لأنها من الأدلة القطعية، وعلى ضوء ذلك فوجود الإمام الغائب وإن كان غائباً مازال ينتفع به بهذه الفوائد الجمة فلا ضير في غيبته  إذا كانت الغيبة للتحذر ولحفظ النفس بالتحذر, وهذه هي الحكمة الأولى منها.

 

الحكمة الثانية: تمييز المؤمنين

و أما الحكمة الثانية، فكما كانت الحكمة الاولى من شأن الإمام ومن حيث الإمام ومن جانب الإمام، فالحكمة الثانية من جانب الناس ومن جانب الخلق.

الحكمة الثانية لغيبة الإمام روحي فداه وطول غيبته هي تمييز المؤمنين وخروج ما في الأصلاب, وأنتم تعرفون أن ظهور الإمام روحي فداه يكون ظهوراً على جميع الكرة الأرضية (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) (13) لذلك يكون إصلاحه إصلاحاً كونياً، أي يصلح جميع ما في الكون ومن في الكون، وهناك في الكون كافرون وفي أصلابهم مؤمنون، ومؤمنون وفي أصلابهم كفار, فيلزم التمييز ويلزم أن يكون الكافر مميزاً عن المؤمن خارجاً من صلبه، وكذلك المؤمن خارجاً من صلب الكافر، حتى لا يحترق أحدهما بذنب الآخر، وحتى لا يجزى أحدهما بذنب الآخر، ويلاقي كل واحد منهم جزاء عمله.

بالنسبة إلى الإصلاح المأمول من الإمام المهدي أرواحنا فداه هو نظير الإصلاح الذي كان بالنسبة إلى نوح عليه السلام، فكما أن نوح بعد دعوته 950 عاماً وبعد أن رأى أن دعوته لم تؤثر في أكثر من السبعين كان المقرر نزول العذاب الإلهي، إنما نزل العذاب بعد أن تميز وحصل التمييز وحصل التزيّل يسمّى بالتزيل يزول المؤمن عن الكافر والكافر عن المؤمن حصل التزيل ثم نزل العذاب، لذلك في الآية الشريفة تبين على لسان نوح: (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَْرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّار).(14)

   الولادات انتهت والتميز صفا في الأصلاب, إنما كان الكافر بحدّ ذاته وليس في صلبه مؤمن, والمؤمن ليس في صلبه كافر, هنالك حينما تميزوا يلاقي كل واحد جزاء عمله، وهذه سنّة إلهية موافقة للعدالة الإلهية، فإذا كان الكافر في صلبه مؤمن ويقتل على يد الإمام الحجة أو بيد أعوانه هذا خلاف العدالة.

يلزم أن يحصل التميز ويحصل التزيل ويكون الكفار في جهة والمؤمنون في جهة أخرى. ثم إن لم يؤمن الكفار لاقوا جزاءهم، فقد يقتل المؤمن في صلب الكافر وهذا خلاف العدالة ولم يكن من سنة الله في الأنبياء الماضين ولا في الأئمة عليهم السلام.

لذلك مسألة التزيل ومسألة التميز من الأمور التي تدعو إلى غيبة الإمام إلى أن يتزايل المؤمن من الكافر ويخرج المؤمن من صلب الكافر، يخرج الطيب من الخبيث ويخرج الخبيث من الطيب.

وهذه في جميع الأزمان موجودة, أنه هناك أسلاف مؤمنون في أصلابهم كفار، وهناك أسلاف كفار في أصلابهم مؤمنون, ولا يمكن أن يؤخذ أحد بذنب الآخر، لذلك يلزم التزيل، والشاهد على ذلك أدلة كثيرة وشواهد وجدانية وفيرة، ومن باب المثال نمثّل بموردين:

الحجاج الثقفي عليه اللعنة والعذاب ممن تعرفونه جميعاً أنه سفاك قتال لشيعة أمير المؤمنين، يأخذ الشيعة على الظن والتهمة لولائهم لعلي عليه السلام،  ولكن جعل الله في صلبه حفيداً من مخلصي أمير المؤمنين ومن مجيدي الشعر في أمير المؤمنين ومن المتفانين في علي بن أبي طالب، على خلاف جده الحجاج، وهو الحسين بن أحمد بن الحجاج, من شعراء الغدير، فإذا كان مثل هكذا شخص في صلب هكذا شخص ويقتل في زمن الإمام أليس هذا جفاء يقيناً؟

الحسين بن أحمد بن الحجاج لاحظوا شخصيته، حيث ينقل المرحوم المحدّث القمي _ أعلى الله مقامه _ أنه حينما توفي كان قد أوصى أولاً ادفنوني عند قبر موسى بن جعفر عند رجليه واكتبوا على القبر (وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) (15) وفي أشعاره لأمير المؤمنين أرواحنا فداه شعر عجيبٌ في الولاء، وفائيته المعروفة التي ينقلها صاحب الغدير أعلى الله مقامه, قطعة من الشعر موشحة بالآيات القرآنية, بمعنى أن الآيات ضمن صياغتها الشعرية, ومنها:

يا صاحب القبّة البيضاء في النجف
إني أتيتك يا مولاي من بلدي
لأنك العروة الوثقى 
فمن علقت
وإن 
أسمائك الحسنى إذا تليت

 

من زار قبرك واستشفى لديك شفي
مستمسكاً 
من حبال الحق بالطرف
بها يداه فلن يشقى ولن يخف
على مريضٍ شفي من سقمه الدنف
(16)

إلى بقية الأشعار وفيها معاني الآيات القرآنية والروايات النبوية الشريفة.

فهكذا شخصية أليس لو ذهب جفاءً من ضمن الحجاج كان ذلك من الظلم على هذا الشخص؟

وفي ذهني ما ينقله العلامة الأميني أعلى الله مقامه في هذا الشخص, ينقل أنه بلغ من المفاخر والمآثر، وأنه كانت له المكارم في ولاية أهل البيت، وينقل الشيخ الأميني أعلى الله مقامه في كتاب: الدر النضيد في مراثي الإمام الشهيد، أو في تعازي الإمام الشهيد, يقول: إنه كان هناك شخصان صالحان في زمن ابن الحجاج أحدهما محمد السبيتي, والآخر علي السرائي, كان هذان الشخصان الصالحان على صلاحهما يزدريان بابن الحجاج ويعيبان عليه وإن كان شعره من الشعر الراقي، ولكن لعل ذلك من جهة جده الحجاج, رأى أحدهما في المنام أنه تشرف بخدمة الإمام الحسين عليه السلام رأى نفسه في عالم المنام في حرم الحسين عليه السلام هو وصديقه والصديقة الزهراء عليها السلام في الحرم الشريف وأمامها أولادها الكرام أرواحنا فداهم، وبينما هو في هذه الحالة دخل ابن الحجاج يقول هذا الصالح: قلت لأخي الصالح الآخر: أنا لا أحب ابن الحجاج وأخذت أريد أن أزدريه كما كنت أزدريه في عالم اليقظة _ أنا لا أحب ابن الحجاج مجرد أن تكلمت بهذه الكلمة سمعت الزهراء عليها السلام قالت: إن من لا يحب ابن الحجاج فليس من شيعتنا, ثم قال الأئمة بعد قول أمهم الزهراء روحي فداها: من لا يحب ابن الحجاج فليس بمؤمن, يقول هذا الصالح: ففزعت من نومي مرعوباً كيف هذه الرؤيا وأنا أكون من القادحين في هذا الشخص؟ فصممت أن أزور الحسين روحي فداه للاعتذار وقلت: أنا أذهب إلى الحرم في ذلك الموضع الذي سمعت الزهراء وأعتذر منهم, خرجت من البيت وأسرعت في المسير إلى كربلاء ثم إنه في الطريق لاقيت هناك جماعة في قافلة وأحدهم  ينشدهم شعر ابن الحجاج, فأسرعت إلى القافلة ورأيت أن ذلك الصديق ينشدهم شعر ابن الحجاج, فقلت له: ما حدا مما بدا ؟, كنا نقدح أنا وأنت ابن الحجاج والآن تقرأ أشعاره؟ قال: لا تلمني يا أخ رأيت البارحة في المنام الزهراء فقص لي عينَ الرؤيا التي رأيتها أنا في المنام، فعلمت أنها رؤيا صادقة.

يقول الشيخ الأميني أعلى الله مقامه: تبين أنه ممن نال في الولاية أعلى المراتب والدرجات بحيث كانت له هذه المكرمات.

فمثل هكذا شخص يكون في صلب الحجاج، وإذا كان من هذا القبيل وهذا النمط في زمن الإمام الحجة، أليس من الأصلح ومن الموافق للعدالة الإلهية أن يخرج من الصلب؟

التزيل والتميز في الأصلاب لازم ومطابق للعدالة الإلهية، لذلك تطول الغيبة، فيغيب لأجل التزيل وتطول الغيبة إلى أن يحصل التزيل الكامل.

وكذلك النموذج الآخر، وهو محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك عليه اللعنة، والسندي يهودي حقود عدو لدود للأئمة تعرفونه جيداً، لكن له حفيد يقول عنه ابن شهر آشوب في معالم العلماء أنه كان من مجاهري الشعراء لأمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام(17)، فالأب يقتل موسى بن جعفر والابن يرثي موسى بن جعفر.

إذا كانت هذه المثابة وهذه الكيفية بالنسبة إلى الأصلاب لذلك يلزم أن يخرج ما في صلب الكافر من المؤمنين ويمتحن ما في صلب المؤمن من الكافرين ثم يظهر الإمام، حتى يلاقي كل شخص جزاءه على هذا التميز, إذا خلت أصلاب الكفار من الذرية المؤمنة فلابد من خروج الصالح، وعند ذلك يظهر الإمام الحجة روحي فداه.

وهذا المعنى يستفاد من الأحاديث الشريفة، ومن جملتها:

حديث منصور بن حازم عن الإمام الصادق عليه السلام قال روحي فداه: إن هذا الأمر لا يأتيكم إلا بعد أياس، لا والله حتى تميزوا.(18)

التميز لازم، لا يأتي إلا بعد التميز. 

وكذلك في الحديث الآخر عن محمد بن منصور عن أبيه قال: هيهات هيهات، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تغربلوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تميزوا.(19)

فالتميز لازم.

وكذلك في كلام أمير المؤمنين أرواحنا فداه قال: وكذلك المهدي منا أهل البيت لا يظهر أبداً حتى تظهر ودائع الله، فإذا ظهرت ظهر على من ظهر.(20)

لا يظهر حتى تظهر الودائع.

إذن فالتميز من الأمور اللازمة والموافقة للعدالة الإلهية.

فالوجه الثاني أوالحكمة الثانية لغيبة الإمام الحجة أرواحنا فداه مسألة التميز وخروج ما في الأصلاب حتى يلاقي كل واحد ما يكون جزاؤه بحسب عمله وبحسب عقيدته وبحسب ما يختاره من الإيمان أو الكفر.

 

الحكمة الثالثة: استقلاله عن البيعة للظالمين

الله الله.. نعرف من مراجعة التأريخ والروايات, أن الأئمة عليهم السلام كانوا يجبرون وبالقهر والغلبة على أن يبايعوا ظاهرياً سلطان زمانهم، وتؤخذ منهم البيعة قهراً, أخذت البيعة من بعض الأئمة قهراً وإن كانت البيعة للامام على الناس, لكن بيعة قهرية تؤخذ من الإمام لبعض الظالمين.

فلأجل أن لا يكون مأخوذاً بالبيعة، وإن كانت ظاهرية، وإن كانت جبرية وإجبارية للظالمين فينقض هذه البيعة، وإن كانت بيعة ظالمة وإجبارية، إلا أنه يعاب عليه نقضها, «والإيمان قيد الفتك».(21)

فإذا بايع الإمام لا ينقض وإن كان الطرف المقابل كافراً وظالماً, هذه سجية الإيمان وهذه من أمور الإيمان ومن حقائق الإيمان.

فلأجل أن لا يجبر على البيعة غاب, وقد كانت هذه البيعة بالنسبة لبعض الأئمة عليهم السلام كما تعلمون.

و يستفاد هذا الوجه وهذه الحكمة من كثير من الأحاديث الشريفة، نختار منها ثلاثة:

حديث أبي سعيد عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام جاء فيه: أما علمتم أنه ما منّا أحد إلا ويقع في عنقه البيعة لطاغية زمانه، إلا القائم الذي يصلي روح الله عيسى بن مريم خلفه، فإنّ الله عزوجل يخفي ولادته ويغيّب شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج.(22)

وكذلك حديث أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: صاحب هذا الأمر تعمى ولادته على الخلق لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج.(23)

وحديث جميل بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يبعث المهدي وليس في عنقه لأحد بيعة.(24) إلى آخر الأحاديث التي منها هذه الثلاثة.

لذلك فمسألة البيعة الإجبارية وأخذ البيعة إجباراً تدعو إلى أن يغيب الإمام حتى لاتؤخذ منه البيعة التي أخذت من آبائه الكرام عليهم السلام.

وبعض الأعاظم الذين يُعتنى بقولهم _ وإن كان ليس لهذا الوجه دليلاً روائياً لأنه دليل ذوقي أو دليل من بعض ما يستفاد من الآيات الشريفة أفاد بعض الأعاظم بأنه لا لأجل أن لا تكون عليه بيعة فحسب بل لا يكون لأحد من الظالمين حق عليه.

فإذا كان هناك ظالم والإمام ظاهر ولذلك الظالم حق على الإمام فهو أخلاقياً يكون مجبراً على رعاية الحق, وأخلاقياً يكون مجبراً على أدائه بالجميل، وهذا المن موجود في الطبيعة البشرية، بل موجود في الظالمين.

لذلك تحذراً عن هذا الحق ومراعاة لهكذا جميل غاب لئلا يكون لأحد من الظالمين حق عليه فيمنّ على الإمام روحي فداه كما منّ فرعون، وتلاحظون في قضية فرعون بالنسبة إلى موسى على نبينا وآله وعليه السلام (قالَ أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَ لَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (25) منَّ على موسى وهذا المنّ لا يليق بالامام روحي فداه لذلك بما انه لاتكون للامام بيعة ولامنّ من الظالمين كان من الحسن ومن الحكمة أن يغيب حتى يكون خالياً من هذا المنّ أو من البيعة أو الاشياء التي لا تناسب مقامه عليه السلام.

 

الحكمة الرابعة: الامتحان

سنة الله تعالى في امتحان خلقه بالغيبة (أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ) (26)( الامتحان _ اعزائي _ من الأمور التي تكون لجميع الموجودات, لجميع الموجودات البشرية, الامتحان شيء مفروض, الافتتان شيء مفروض وسنة إلهية ومما يفتتن ويمتحن به الانسان: غيبة إمامه غيبة نبيه يلاحظ أنه إذا كان نبيه غائباً, هل يكون باقياً على إيمانه؟ هل يطيعه؟ هل لا يكون مجتنباً عن معصيته؟ هل يبقى على الايمان به؟ من الامور التي يمتحن بها الخلق غيبة نبيهم وإمامهم وهذه سنة جارية في الانبياء وجرت في النبي الاعظم وتجري في الائمة للامتحان, امتحان الخلق بهذه الغيبة.

ويجمع هذه السنن المرحوم الصدوق أعلى الله مقامه في كمال الدين صفحة 227 فما بعد, في أحاديث كثيرة وكذلك الشيخ المفيد أعلى الله مقامه في الفصول العشرة صفحة 82 وشيخ الطائفة الطوسي في الغيبة صفحة 77، وروايات امتحان الخلق بغيبة وليهم أو نبيهم أو النبي الاكرم روحي فداه جمعت في هذه الكتب الشريفة وأشير اليها أولاً: غيبة النبي إدريس: غاب عن شيعته حتى تعذر عليهم قوتهم وقتل من قتل من شيعته إلى أن رجع لهم النبي وكانت غيبة امتحان الخلق, وغاب النبي صالح عن قومه ثمود التي كانت مساكنهم بين الحجاز والشام زماناً طويلاً حتى رجع اليهم وهو كهل بعد أن كان في سنّ الشباب, وغاب سيدنا النبي ابراهيم أرواحنا فداه وكانت غيبته إثر حمل أمه حين حوله الله من بطنها إلى ظهرها فلما حملت أم إبراهيم به بعث نمرود القوابل حتى يعرفن الحمل فلما ولد ابراهيم ذهبت به أمّه إلى الغار ووضعته في الغار وجعلت على باب الغار صخرةً بقي ابراهيم وحده من ابتداء ولادته فجعل الله رزق ابراهيم في ابهامه يمصها ويشرب اللبن منها إلى أن شب ثم جاءت أمه وأخذته, غيبة طويلة وبعد هذه الغيبة وبعد ان نجاه الله تعالى من النار غاب غيبة أخرى إذ قال الله تعالى (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّه) (27) غيبتان كانتا لإبراهيم.

وكذلك النبي يوسف غاب عشرين سنة عن خاصّته وعامته والنبي موسى غاب عن وطنه مصر خمسين سنة، وأوصياؤه مثل يوشع غاب عن قومه حتى رجع اليهم بعد مسير كثير وبعد مدة كثيرة, وكذلك نبي الله الرسول الأعظم أرواحنا فداه غاب عن قومه, غاب عن المشركين ثلاث سنين في شعب أبي طالب إلى أن تصل الغيبة إلى الإمام الحجة أرواحنا فداه، فالغيبة تكون لهكذا إمتحان الذي هو من شأن الله تعالى في خلقه ويشهد على ذلك أحاديث كثيرة منها حديث سدير في كمال الدين صفحة 644 حديث سدير عن أبي عبد الله عليه السلام: إنّ للمهدي منا غيبة يطول أمدها، قلت: لم ذاك يا ابن رسول الله ؟ قال: ان الله عزوجل أبى إلا أن يجري سنن الانبياء في غيباتهم(28)، سنة إمتحانية جارية تجري في الإمام المهدي.

وكذلك حديث زرارة عن الإمام الصادق عليه السلام: إن المهدي منّا, له غيبة قبل أن يقوم(29) لأن الله عزوجل يحب أن يمتحن خلقه فعند ذلك يرتاب المبطلون, إذن مسألة السنة الالهية في الامتحان بالغيبة من الحكم التي تدعو إلى غيبته حتى يمتحن خلقه.

 

الحكمة الخامسة: عدم مجاورة الظالمين

الحكمة الأخيرة، وهي كراهة مجاورة الظالمين، وهو أمر مستحسن عقلاً بل مدلولٌ عليه شرعاً، فإن الاعتزال بالنسبة إلى الأنبياء وبالنسبة إلى الصالحين إذا لم تؤثر كلمتهم الحسنى في الظالمين يعتزلون عنهم، هذا ممّا يؤيده العقل، تأنيباً للظالم يُعتزل عنه.

وبعد هذا التأنيب للظالم، إضافة إلى هذه الأمور التي كانت من الحكم، يدعو إلى أنه يغيب الإمام روحي فداه ليأنب الظالم ويوجب اشتياق المظلوم.

يوجب اشتياق المظلوم إليه مع أن الظالم يكون مرتدعاً بهذه الغيبة وبهذا الامتياز عنه, كما بالنسبة للأنبياء الكرام:

النبي نوح طلب من الله (فَافْتَحْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَتْحاً وَ نَجِّنِي وَ مَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ).(30)

وكذلك النبي إبراهيم (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ).(31)

وكذلك النبي موسى (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ).(32)

إذن الاعتزال من السنن ومن الأمور المستحسنة تأنيباً للظالم وزيادة لاشتياق المظلوم.

والإمام المهدي أرواحنا فداه صرحت الروايات أنه من جهة تأنيب الظالم ومن جهة تأديب الظالم يغيب حتى يكون مؤنباً في هذه الغيبة, ومن جملة الروايات الشريفة التي تبين هذا الأمر، والروايات كثيرة نختار منها بعض الروايات:

جاء في حديث مروان الأنباري قال: عن أبي جعفر عليه السلام «إن الله إذا كره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم».(33)

وحديث محمد بن النعمان عن الإمام الصادقعليه السلام جاء فيه«إن أشد ما يكون (الله تعالى) غضباً على أعدائه إذا أفقدهم حجته فلم يظهر لهم»(34) لم يظهر, موجود ولكن غائب.

إذن مسألة الاعتزال ومسألة كراهة الظالمين والابتعاد عنهم من الأمور المستحسنة تأديباً وتأنيباً لذلك، وإن كان التأديب للظالم يرافقه حرمان المظلوم إلا أنه يزداد شوقه، بل بالنسبة إلى المظلوم يزداد ثواباً.

ففي بعض الأحاديث: من انتظرنا وصبر في غيبتنا كان له أجر مئة شهيد من شهداء بدر...

وفي بعض الأحاديث: ألف شهيد من شهداء بدر.(35)

فإن الإمام عليه السلام يغيب وتطول غيبته وتكون موافقة للمصلحة الموجودة العقلية، بل الشرعية، بل العرفية التي يعرف بها كل ذي وجدان.

فالسؤال الأخير أنه لم غاب الإمام وما حكمة غيبته.

يُجاب عن ذلك السؤال بأن هذه الحكم الخمس المروية تكفي في أن يكون الإمام روحي فداه غائباً وأن تكون هذه الغيبة موافقة لهذه الحكم.

 وهذا تمام الكلام في الموضوع الثاني غيبة الإمام روحي فداه والحكمة فيها.

وأما الموضوع الثالث: عمر الإمام روحي فداه وطول عمره وتحليل طول العمر على ضوء القرآن الكريم والأحاديث المتواترة، بل على صعيد الأصول العلمية والطبيعة البشرية، نبحثها إن شاء الله يوم غد بتوفيق الله وعون الله.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً، ودليلاً وعيناً، حتى تسكنه أرضك طوعاً، وتمتعه فيها طويلاً. برحمتك يا أرحم الراحمين.

الأسئلة والأجوبة:

س1/ هل أن الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه مستقر في الجزيرة الخضراء؟

ج/ هو سائر جوّال في جميع العالم، مشرف على جميع الأنحاء، لذلك استقراره في الجزيرة الخضراء وإن كان مورداً للتشرفات وهو صحيح إن شاء الله إلا أنه لا يمكن أن نحمل الروايات جزماً على تلك الجزيرة بنحو أن مسكنه الدائمي هناك, هذا الظاهر لا يمكن الجزم به وإن كان احتماله من جهة ما ينقله المحدّث النوري احتمال لابأس به.

قال تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا...).(36)

س2/ أحد الأخوة يسأل: هل حكم الإمام المهدي عليه السلام في المسائل القضائية يكون كما عليه المشهور من دون الاستناد إلى الشهود، أي حسب علمه بالغيب؟ أم أن هذا المطلب غير ثابت بنحو قطعي؟

ج/ نبين إن شاء الله وبعون الله تعالى فيما يخص ظهور الإمام المهدي وقيامه، ونتعرض لو ساعدنا التوفيق إلى ما يكون في دولته الحقة إلى مسألة قضاء المهدي عليه السلام.

قضاء الإمام المهدي يكون على سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله, لا فرق فيها إلاّ أن في السيرة النبوية الشريفة أن القاضي يحق له أن يقضي بعلمه، وإذا قضى الإمام المهدي بعلمه فقد قضى على طبق سيرة الرسول صلى الله عليه وآله.

البعض يعترضون بأن سيرة المهدي تخالف سيرة الرسول، فكيف نعترف به؟!! نقول: لا يا عزيزي فإن سيرة المهدي على سيرة الرسول إلا أن من سيرة الرسول القضاء بالعلم، والإمام المهدي يقضي بعلمه، لأن القضاء من سيرة الرسول.

فالمسألة القضائية للإمام المهدي أرواحنا فداه على نفس الموازين القضائية، إلا أنه يمتاز بأنه يُعلّمه الله بعصمته وبإمامته وبنورانيته، يعلم ما في الحياة ويعلم ما في الضمائر ويعلم ما في الأنفس، وبعد علمه هذا يقضي كقضاء داوود، وقضاء داود قضاء شرعي بالعلم، وكذلك قضاء المعصومين إذا كانوا يعلمون، فإذا كان القاضي يعلم قضاءَه بالعلم فهذا  أمر شرعي على سنة الرسول الأكرم ولا إشكال من هذه الجهة.

فالجواب القطعي عن هذا السؤال أن القضاء على نفس سنة الرسول، إلا أن من السنة قضاء القاضي بعلمه، ويقضي الإمام بعلمه كقضاء داوود.

 بل لعله يقال ويحسن أن يقال: إنه ينبغي أن يقضي الإمام المهدي بعلمه، لأن دولته الحقة إذا كانت أوتكون ظاهرة على جميع العالم وفيها إصلاح عالمي لجميع العالم، فهذا لا يلائم انتظار الشهود.

أخي العزيز إذا انتظر الشهود مع هذه الإصلاحات الجمعية العالمية لا يمكن أن ينتظر حتى يأتي الشهود، وذلك يخالف الإصلاح العالمي، لذلك يناسبه القضاء بالعلم, القضاء بالعلم على طبق سنة الرسول، وهذا هو الموافق للعقول، والله العالم.

س3/ أخ عزيز يسأل: هل هناك محذور من الاعتقاد بزواج المهدي وأن لديه ذرية؟

ج/ عزيزي السائل، الظاهر أن الأدعية الشريفة، بل بعض الأدلة الروائية يستفاد منها أن الإمام المهدي قد تزوج وأنه أنجب, لذلك فالاعتقاد بزواجه اعتقاد بجريانه على سنة رسول الله جدّه الأكرم، وهو اعتقاد لابأس به ولامحذور فيه، والله العالم.

س4/ أخ عزيز يسأل ما خلاصتهأن موضوع الارتياب هل تكون له أسباب؟ وهل هذه بتقديركم طلائع الفتن؟

ج/ لا شك أن الإيمان بالغيب والإيمان بما جاء به الرسول الأكرم يحتاج إلى توفيق، قد يوفق الشخص فلا يرتاب وقد لا يوفق بواسطة اختيار نفسه وابتعاد نفسه عما يوجب التوفيق فيكون له ريب.

لذلك مسألة الارتياب أنه تكون من طلائع الفتن، قد يكون من شؤون الناس، هل تكون هذه طليعة للفتنة؟ لم أر هذا المعنى في الروايات الشريفة، أنه مّما يكون من طلائع الفتن أو ما يكون في عهد الغيبة، أنه تكون هناك فتن.

نعم مسألة المخالفات التي هي علائم أولى لغيبة الإمام يذكرها الشيخ المفيد أعلى الله مقامه(37)، تلك العلائم الصحيحة مروية عن روايات الفريقين، فمسألة الارتياب التي تفضل بها الأخ لن نرى لها دليلاً تكون بموجبه من طلائع الفتنة، والله العالم.

س5/ يسأل الأخ العزيز: هل يمكن أن يكون الإمام عجل الله تعالى فرجه حاضراً في أكثر من مكان في آن واحد؟ وأقصد الحضور وليس العلم، أي حاضراً شخصياً ؟

ج/ الأئمة عليهم السلام كما ثبت في باب الإمامة هم من جنس نوراني مأخوذ من تحت عرش رب العالمين، روحهم وبدنهم ألطف من روحنا وبدننا، لذلك تكون حركتهم وتجول نظرهم وبدنهم من هذه الجهة أشرف من أبداننا ولايمكن أن يقاس بدنه ببدننا, صحيح (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ ) (38) هذا الوحي مائز بين بشر نبي وبشر إمام هذا يفرق عن بقية البشر.

لذلك لا ضير في أن يكون الإمام عليه السلام شاهداً وحاضراً وناظراً بواسطة روحه الشفافة وبدنه اللطيف في أكثر من مكان ومتجول إليه من باب طي الأرض أو بعلم الإمامة أو بالقدرة الربانية التي تفضل بها عليه في آن واحد.

يتمكن الإمام عليه السلام أن يتجول في نقطتين أو بقعتين يحيط بها علماً ويصلها قدماً، الظاهر لا إشكال في هذا الأمر، والله العالم.

لعله يؤيده حضور الأمير عليه السلام:

يا حار همدان من يمت يرني

 

من مؤمن أو منافق قبلاً

مقابلاً له، فالإمام يحضر والنبي يحضر والزهراء تحضر، لابأس بالحضور في أماكن لشفافية روحهم ولنورانية أبدانهم الشريفة.

س6/ أخ عزيز يسأل: هل سماحتكم ترون بأن العلامات الصغرى والكبرى قد حدث منها شيء حتى الآن؟

ج/ كررنا ليلة أمس أن العلامات المذكورة يلزم أن تقسم إلى أقسام ثلاثة: بعضها علامات غيبة الإمام، وبعضها علامات مقاربة لظهور الإمام، وبعضها علامات لسنة الظهور وما يقارب ذلك, وتلك العلائم تكون حتمية وغير حتمية.

بالنسبة إلى العلامات الكبرى والصغرى التى تكون في زمن الغيبة, نعم حدث منها شيء ولم تحدث منها أشياء أخرى. هناك ما يقرب من ثلاثين علامة في رواية الشيخ المفيد، بل ما يقارب من مائة علامة في حديث الشيخ أعلى الله مقامه، بمراجعة تلك الروايات يستفاد أنه بعض العلائم علائم الغيبة، بعضها حدثت وبعضها لم تحدث، والله العالم.

س7/ يسأل الأخ العزيز: هل رؤية الإمام عجل الله فرجه في المنام إذا كان يبين بعض ما يجري من أحداث، هل هذه الرؤية هي الحجة على أن الحدث من العلامات؟

ج/ المعروف والله العالم _ أن المنام ليس بحجة وإن كانت به عبرة، وهي من بعض شؤون الوحي، ولها عبرة إلاّ أنها لا تكون حجة قطعية بحيث أنها تكون مثل الروايات المبينة عن المعصومين.

وبالنسبة إلى المنام قد يكون مناماً صادقاً، لكن بحيث أنه يكون حجة كالأحاديث الشريفة, يشكل الالتزام بهذا الأمر والله العالم.

س8/ ما رأيكم سيدنا فيمن يدعي رؤية الإمام في المنام أو اليقظة والحديث الشريف يقول«ألا من ادعى الرؤية فهو كذاب, ألا ومن ادعى المشاهدة فهو كذاب مفترٍ؟».(39)

ج/ الظاهر أن الأخ العزيز يسأل: هل رؤية الإمام غير ممتنعة ؟

سنذكر إن شاء الله لو ساعدنا التوفيق بأن قضية التشرف بخدمة الإمام عليه السلام ليست بممتنعة, وحديث السمري، أي التوقيع الذي يذكر «ألا فمن ادعى المشاهدة...الخ» نبين إن شاء الله له معان ثلاثة، ليست هذه المشاهدة التي حدثت وكانت بالنسبة لمقدسينا وعلمائنا الأبرار كالسيد ابن طاووس أو العلامة الحلي أو السيد بحر العلوم أو المقدس الأردبيلي.

المشاهدة في اليقظة أو المنام غير ممتنعة، وقد تكون، وسنذكر بعون الله تعالى في مسألة التشرف التوقيع الثاني من الشيخ المفيد رحمه الله للفوز بمشاهدة الإمام المهدي، وهناك جملة إن شاء الله سنذكرها في محلها.

إذن جواب السيد الأخ هو أن مسألة رؤية الإمام لا مانع منها في المنام أو اليقظة لمن وفقه الله، ونسأل الله التوفيق لهذه الرؤية.

س9/ أخ عزيز يسأل عن فترة الغيبة مع طول مدته وانقطاع الإمام المهدي عليه السلام عن الناس, هل ترك الناس سدى وبلا راعٍ وبلا هدف؟

ج/ أخانا العزيز: الظاهر في نفس التوقيع الذي قرأناه هذه الليلة (إنا غير ناسين لمراعاتكم) تصريح من الإمام المهدي عليه السلام أنه لم يتركنا سدى ولم يتركنا بلا راعٍ ولم يخلينا بلا هدف، وإنما نظره الكريم علينا نظر لطف ورعاية ودعاء وحفظ، لا حرمنا الله من هذا النظر الشريف.

س10/ هل من دليل من القرآن والسنة على رؤية الإمام بشخصه في اليقظة؟

ج/ الأخ السائل يجاب بأنه السنة الشريفة والأحاديث المباركة الدالة على رؤية الإمام بشخصه في جميع المراحل الثلاث، يعني حين ولادته وفي زمان والده الكريم الإمام العسكري عليه السلام وكذلك في زمان الغيبة الصغرى وكذلك في زمان الغيبة الكبرى، سجلت في ثمان من الكتب التي بينت التشرفات.

والأحاديث عن رؤية الإمام نفسه في اليقظة موجودة، بل متواتره في المقام، وقد اخترنا منها من كل مرحلة عشرة من الأحاديث القطعية التي رويت بالأسانيد الموثقة التي توجب العلم ويحصل بها التواتر, ولعله يضيق الوقت لبيانها، ولكنها مسجلة لو طلبها أحد قدمناها له والله العالم.

س11/ حول دعاء:(اللهم كم لوليك الحجة بن الحسن...) الفقرة الأخيرة (حتى تسكنه أرضك طوعاً) من ناحية المعنى غير واضحة، وسند هذا الحديث وددت أن أعرفه وهذه الفقرة بالذات؟

ج/ أشكر عواطفكم, تقصدون بسكون الأرض طوعاً للإمام المهدي عليه السلام بأنه كيف يُدعى له هكذا دعاء.

الدعاء الشريف أخي العزيز موجود بسند معتبر ينقله المرحوم المحدّث القمي، وقبله نقله في البحار وستقرؤونه إن شاء الله في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان، من مستحبات أدعية ليلة القدر في القدر الأخير، والسند ظاهراً معتبر ويعتنى به.

و الدعاء أساساً لا يلزم أن يكون دعاءً بالمفقود, الدعاء قد يكون دعاءً بالموجود لإدامته ولبقائه, تسألون الله: «اللهم عافني بعافيتك» هل العياذ بالله أنت مريض؟! أبداً، بل مع وجود صحتك  وأدامها الله عليك تدعو الله (اللهم شافني بشفائك)، وأنت مشافى، (عافني بعافيتك) وأنت معافى, الدعاء ليس بما ليس بموجود بل حتى مع وجوده لإدامة هذا الشيء.

طبعاً الإمام المهدي روحي فداه وعاء لمشيئة الله، راضٍ برضى الله طواعية لله، لكن لإدامة هذه الطواعية ولإدامة هذا الوجود أنه سكن طواعية حتى في زمان غيبته وحتى في زمان مظلوميته، وحتى في زمان حزنه يسكن طوعاً في ذلك الزمان زمان دولته المظفرة ويمتع فيها طويلاً إن شاء الله, لكن من باب إدامة هذا الشيء.

ثم من باب وظيفتنا نحن شيعته، لأننا نحن مكلفون بالدعاء له, تكليفنا بالدعاء لا لأنه محتاج إلى هذا الشيء، فبالرغم من أنه سكن طواعية نحن مكلفون بأن ندعو له  تكليفاً لنا وإدامة لهذه الطواعية.

الظاهر أنه بهذا الأمر لا يبقى إشكال من جهة هذا الدعاء الشريف سنداً ومتناً أيضاً، والله العالم.

و آخر دعونا أن الحمد لله ربّ العالمين.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 الهوامش


(1) القدر (97): 4.

(2) من لا يحضره الفقيه: 2/ 594 الحديث 3199.

(3) الكافي: 4/ 575 الحديث 2.

(4) البقرة (2): 143.

(5) المصنف لابن أبي شيبة ج7 ص578 ب 13 ح1، كنز العمال للمتقي الهندي ج10 ص397 ح 29943.

(6) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج 25 ص131.

(7) إكمال الدين وإتمام النعمة: 253 الحديث 3 من الباب 23.

(8) إكمال الدين وإتمام النعمة: 207 الحديث 22 من الباب 21.

(9) إكمال الدين وإتمام النعمة: 483 الحديث 4 من الباب 45.

(10) مجمع البحرين للطريحي: 1/ 389.

(11) الاحتجاج للشيخ الطبرسي: 2/ 322.

(12) التبيان للشيخ الطوسي ج 5 ص 295، وتفسير جوامع الجامع للشيخ الطبرسي ج2 ص 93.

(13) التوبة (9): 33.

(14) نوح (71): 26- 27.

(15) الكهف (18): 18.

(16) كتاب الغدير للأميني: 4/ 88.

(17) معالم العلماء لابن شهر آشوب: 183.

(18) بحار الأنوار: 52/ 111 الباب 21 الحديث 20.

(19) كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: 335، ح 281، والحديث عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، ولفظه: «أيهات، أيهات...»، بدل: هيهات...

(20) كمال الدين للصدوق: 641، ولفظه: «...وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبداً حتى تظهر ودائع الله عز وجل، فإذا ظهرت ظهر على من يظهر فقتله».

(21) الكافي للكليني، ج7: 375، ح 16.

(22) إكمال الدين وإتمام النعمة للصدوق: 316، ب 29، ح 2.

(23) إكمال الدين وإتمام النعمة: 479، ب44، ح1.

(24) الإمامة والتبصرة: 116 الحديث 106، إكمال الدين وإتمام النعمة: 480 الحديث 2 من باب 44.

(25) الشعراء (26): 18.

(26) العنكبوت (29): 2.

(27) مريم (19): 48.

(28) إكمال الدين وإتمام النعمة: 480 الحديث 6 من الباب 44.

(29) لاحظ: الكافي: 1/ 337 الحديث 5، إكمال الدين وإتمام النعمة 342 الحديث 24 عن الباب 33.

(30) الشعراء (26): 118.

(31) مريم (19): 49.

(32) القصص (28): 21.

(33) بحار الأنوار: 52/ 92.

(34) كمال الدين للصدوق: 339، باب 33، ح 17.

(35) الإمام علي بن الحسين عليه السلام قال: «من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله عز وجل أجر ألف شهيد من شهداء بدر وأحد». راجع كمال الدين للصدوق: 323، ب31، ح7.

(36) يوسف (12): 110.

(37) أوائل المقالات للشيخ المفيد: 236.

(38) الكهف (18): 110.

(39) إكمال الدين وإتمام النعمة: 516 الحديث 44 من الباب 45، كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: 395 الحديث 365، الاحتجاج للطبرسي: 2/ 297.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة