بعض أحاديث الإمام المهدي

بعض أحاديث الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

محتويات المقالة:

الرسائل الشخصية

كتابه في جعفر بن علي

نحن صنايع ربنا

إعلموا أن الحقَّ معنا وفينا

إنا غير مهملين لمراعاتكم

من عبد الله المرابط في سبيله

بعض توقيعاته الشريفة

ملعون ملعون من سماني

وجعلنا بينهم وبين القرى...

قد فهمنا ماحكيته عن موالينا...

المحبوس يخلّصه الله ...

أخطأت بردّك برّنا ...

لاتخرج معها

قل لأهل مصر آمنتم ...

في الدار قد أعطيت ما سألت

قد وصلت الخمسمائة درهم ...

يا علي بن محمد ...


الرسائل الشخصية للإمام المهدي عليه السلام

 

تُعد الرسائل الشخصية للإمام المهدي عليه السلام  معلماً مهماً في تعايشه عليه السلام  مع شيعته ومواليه، ومن خلال هذه الرسائل نلمسُ أهمية هذا التعاطي الذي حرص عليه الإمام المهدي عليه السلام  في متابعة أحوال شيعته وحرصه البالغ على سلامة مسيرة حياتهم وتكاملها.

رسالته عليه السلام إلى إبراهيم بن محمد بن فارس:

عن سعد، عن محمد بن عبيد الله بن أبي غانم، عن إبراهيم بن محمد ابن فارس قال: كنت أنا وأيوب بن نوح في طريق مكة، فنزلنا على وادي زبالة، فجلسنا نتحدث، فجرى ذكر ما نحن فيه وبعد الأمر علينا، فقال أيوب بن نوح: كتبت في هذه السنة أذكر شيئا من هذا، فكتب (إلي):

إذا رفع علمكم من بين أظهركم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم.(1)

 رسالته عليه السلام  إلى الحسين بن روح:

عن الحسين بن علي بن بابويه قال: حدثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاج، وهي سنة تناثر الكواكب أن والدي رضي الله عنه كتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه يستأذن في الخروج إلى الحج، فخرج في الجواب:

لا تخرج في هذه السنة.

فأعاد وقال: هو نذر واجب، أفيجوز لي القعود عنه.

فخرج في الجواب:

 إن كان لابد فكن في القافلة الاخيرة.

وكان في القافلة الاخيرة فسلم بنفسه وقُتل من تقدمه في القوافل الأُخر.(2)

 رسالته عليه السلام  في الإذن في الدخول إلى القبر:

روى الشلمغاني في كتاب الأوصياء: أبو جعفر المروزي قال: خرج جعفر بن محمد بن عمر وجماعة إلى العسكر ورأوا أيام أبي محمد عليه السلام في الحياة و فيهم علي بن أحمد بن طنين، فكتب جعفر بن محمد بن عمر يستأذن في الدخول إلى القبر، فقال له علي بن أحمد: لا تكتب اسمي فإني لا أستأذن، فلم يكتب اسمه فخرج إلى جعفر:

ادخل أنت ومن لم يستأذن. (3)

قصة الحوانيت:

روي عن محمد بن هارون الهمداني قال كان عليّ خمسمائة دينار وضقت بها ذرعاً، ثم قلت في نفسي: لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة دينار وثلاثين ديناراً قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار، ولا والله ما نطقت بذلك ولا قلت، فكتب عليه السلام إلى محمد بن جعفر:

اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بخمسمائة دينار التي لنا عليه.(4)

مع حاجز وكيل الناحية:

روى محمد بن يوسف الشاشي أنني لما انصرفت من العراق كان عندنا رجل بمرو يقال له: محمد بن الحصين الكاتب، وقد جمع مالاً للغريم، قال: فسألني عن أمره فأخبرته بما رأيته من الدلائل فقال: عندي مال للغريم فما تأمرني؟

فقلت: وجّه إلى حاجز، فقال لي: فوق حاجز أحد؟

فقلت: نعم الشيخ، فقال: إذا سألني الله عن ذلك أقول إنك أمرتني؟

قلت: نعم.

وخرجت من عنده فلقيته بعد سنين فقال: هو ذا أخرج إلى العراق ومعي مال للغريم، وأعلمك أني وجهت بماءتي دينار على يد العابد بن يعلى الفارسي وأحمد بن علي الكلثومي، وكتبت إلى الغريم بذلك وسألته الدعاء فخرج الجواب بما وجّهت، ذكر أنه كان له قِبلي ألف دينار وأني وجهت إليه بماءتي دينار لأني شككت (و) أن الباقي له عندي، فكان كما وصف، قال: إن أردت أن تعامل أحداً فعليك بأبي الحسين الاسدي بالري.

فقلت: أكان كما كتب إليك؟

قال: نعم، وجهت بمأتي دينار لأني شككت فأزال الله عني ذلك، فورد موت حاجز بعد يومين أو ثلاثة، فصرت إليه وأخبرته بموت حاجز فاغتمّ، فقلت: لا تغتم فإن ذلك في توقيعه إليك وإعلامه أن المال ألف دينار والثانية أمره بمعاملة الاسدي لعلمه بموت حاجز.(5)

 رسالته عليه السلام  إلى محمد بن شاذان:

عن محمد بن شاذان قال: اجتمع عندي خمسمائة درهم ناقصة عشرين فأتممتها من عندي وبعثت بها إلى محمد بن أحمد القمي ولم أكتب كم لي منها، فأنفذ إلي كتابه:

وصلت خمس مائة درهم لك فيها عشرون درهماً.(6)

 قصة عاتكة بنت الديراني:

روي عن أحمد بن أبي روح قال: وجّهت إلي امرأة من أهل دينور فأتيتها فقالت: يا ابن أبي روح أنت أوثق من في ناحيتنا ديناً وورعاً، وإني أريد أن أودعك أمانة أجعلها في رقبتك تؤدّيها وتقوم بها.

فقلت: أفعل إن شاء الله تعالى فقالت: هذه دراهم في هذا الكيس المختوم لا تحلّه ولا تنظر فيه حتى تؤدّيه إلى من يخبرك بما فيه، وهذا قرطي يساوي عشرة دنانير وفيه ثلاث حبات تساوي عشرة دنانير، ولي إلى صاحب الزمان حاجة أريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها.

فقلت: وما الحاجة؟

قالت: عشرة دنانير استقرضتها أمي في عرسي لا أدري ممّن استقرضتها ولا أدري إلى من أدفعها، فإن أخبرك بها فادفعها إلى من يأمرك بها.

قال (فقلت في نفسي): وكيف أقول لجعفر بن علي؟

فقلت: هذه المحنة بيني وبين جعفر بن علي، فحملت المال وخرجت حتى دخلت بغداد فأتيت حاجز بن يزيد الوشاء فسلمت عليه وجلست.

قال: ألك حاجة؟

قلت: هذا مال دُفع إلي لا أدفعه إليك حتى تخبرني كم هو ومن دفعه إلي؟ فإن أخبرتني دفعته إليك.

قال: يا أحمد بن أبي روح توجّه به إلى سرّ من رأى.

فقلت: لا إله إلا الله لَهذا أجلُّ شئ أردته، فخرجت ووافيت سر من رأى فقلت: أبدأ بجعفر.

ثم تفكّرت فقلت: أبدأ بهم، فإن كانت المحنة من عندهم وإلاّ مضيت إلى جعفر.

فدنوت من دار أبي محمد فخرج إلي خادم فقال: أنت أحمد بن أبي روح؟

قلت: نعم.

قال: هذه الرقعة اقرأها، فإذا فيها مكتوب: (يا بن أبي روح أودعتك عاتكة بنت الديراني كيساً فيه ألف درهم بزعمك، وهو خلاف ما تظنّ، وقد أدّيت فيه الأمانة ولم تفتح الكيس ولم تدرِ ما فيه، وفيه ألف درهم وخمسون ديناراً، ومعك قرط زعمت المرأة أنه يساوي عشرة دنانير، صدقت مع الفصّين اللذين فيه، وفيه ثلاث حبّات لؤلؤ شراؤها عشرة دنانير وتساوي أكثر، فادفع ذلك إلى خادمتنا إلى فلانة فإنّا قد وهبناه لها، وصر إلى بغداد وادفع المال إلى الحاجز وخُذ منه ما يعطيك لنفقتك إلى منزلك.

وأما عشرة الدنانير التي زعمت أن أمها استقرضتها في عرسها وهي لا تدري من صاحبها، بل هي تعلم لمن هي لكلثوم بنت أحمد وهي ناصبية فتحرّجت أن تعطيها وأحبّت أن تقسمها في أخواتها فأستأذنتنا في ذلك، فلتفرقها في ضعفاء أخواتها.

ولاتعودن يا ابن أبي روح إلى القول بجعفر والمحنة له، وارجع إلى منزلك فإنّ عمك قد مات، وقد رزقك الله أهله وماله).

فرجعت إلى بغداد، وناولت الكيس حاجزاً فوزنه فإذا فيه ألف درهم وخمسون ديناراً، فناولني ثلاثين ديناراً وقال: أُمرت بدفعها إليك لنفقتك، فأخذتها وانصرفت إلى الموضع الذي نزلت فيه وقد جاءني من يخبرني أن عمي قد مات وأهلي يأمروني بالانصراف إليهم، فرجعت فإذا هو قد مات وورثت منه ثلاثة آلاف دينار ومائة ألف درهم.(7)

الهوامش:


(1) بحار الأنوار ج 51  ص 159 ح4.

(2) بحار الأنوار ج51ص 293.

(3) بحار الأنوار ج 51ص 293ح2.

(4) بحار الأنوار ج 51ص 294ح4.

(5)  بحار الأنوار ج 51   ص 294ح5.

(6) بحار الأنوار ج 51   ص 295ح 8.

(7)  بحار الأنوار ج 51ص 295ح11.

كتاب الإمام المهدي عليه السلام في جعفر بن علي

 

لم تزل رعاية الامام الحجة عليه السلام  لشيعة أهل البيت أثناء الغيبة الصغرى شاملة لكل القضايا التي تبرز في الساحة السياسية والاجتماعية والفقهية، وكان الشيعة في هذه الفترة يتعاطون مع الامام بكل دقائق حياتهم وتفاصيل شؤونهم، وقد شملت المسائل العقائدية جانباً مهماً في تثبيت موقع الإمامة وردّ الشبهات التي تعترض حياتهم من خلال التعامل مع المدّعين لمنصب الإمامة وغيرهم، وإليك نموذجاً من هذه التوقيعات الشريفة:

ما ورد في جعفر بن علي في الاحتجاج عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن سعد الاشعري قدس سره أنه جاء بعض أصحابنا يعلمه أن جعفر بن علي كتب إليه كتاباً يعرّفه نفسه، ويُعلمه أنّه القيّم بعد أخيه، وأن عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه وغير ذلك من العلوم كلها، قال إسحاق: فلما قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان وصيّرت كتاب جعفر في درجه، فخرج إليّ الجواب في ذلك.

بسم الله الرحمن الرحيم

أتاني كتابك ـ أبقاك الله ـ والكتاب الذي أنفذت في درجه، وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمنّه على اختلاف ألفاظه وتكرر الخطأ فيه، ولو تدبّرتَه لوقفتَ على بعض ما وقفتُ عليه منه، والحمد لله رب العالمين حمداً لا شريك له على إحسانه إلينا وفضله علينا، أبى الله عز وجل للحقّ الا إتماماً، وللباطل إلاّ زهوقاً، وهو شاهد عليّ مما أذكره ولي عليكم بما أقوله إذا إجتمعنا اليوم الذي لا ريب فيه ويسألنا عمّا نحن فيه مختلفون، وانه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعاً إمامة مفترضة ولا طاعة ولا ذمّة، وسأبيّن لكم جملة تكتفون بها إن شاء الله، يا هذا يرحمك الله إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثاً، ولا أهملهم سدى، بل خلقهم بقدرته، وجعل لهم اسماعاً وأبصاراً وقلوباً وألباباً، ثم بعث إليهم النبييّن مبشّرين ومُنذرين، يأمرونهم بطاعته، وينهونهم عن معصيته، ويعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم، وأنزل عليهم كتاباً، وبعث إليهم ملائكة، وباين بينهم وبين مَن بعثهم إليهم بالفضل الذي جعل لهم عليهم وما أتاهم الله من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة والآيات الغالبة، فمنهم من جعل النار عليه برداً وسلاماً واتّخذه خليلاً، ومنهم من كلّمه تكليماً وجعل عصاه ثعباناً مبيناً، ومنهم من أحيى الموتى بإذن الله وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله، ومنهم من علّمه منطق الطير وأُوتي من كل شيء، ثم بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم  رحمة للعالمين وتمّم نعمته وختم به أنبياءه وأرسله إلى الناس كافة وأظهر من صِدقه ما أظهر، وبيّن من آياته وعلاماته ما بيّن، ثم قبضه صلى الله عليه وآله وسلم  حميداً فقيداً سعيداً وجعل الأمر من بعده إلى أخيه وابن عمه ووصيّه ووارثه علي ابن ابي طالب عليه السلام ثم إلى الأوصياء من ولده واحداً بعد واحد، أحيى بهم دينه وأتمّ بهم نوره، وجعل بينهم وبين اخوانهم وبنيّ عمهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقاً بيّناً تعرف به الحجّة من المحجوج والإمام من المأموم، بأن عصمهم من الذنوب وبرّأهم من العيوب، وطهّرهم من الدنس، ونزّههم من اللبس، وجعلهم خزّان علمه ومستودع حكمته وموضع سره، وأيّدهم بالدلائل، ولولا ذلك لكان الناس على سواء، ولادّعى أمر الله عزوجل كلّ أحد، ولما عُرف الحق من الباطل ولا العلم من الجهل، وقد ادّعى هذا المُبطل المدّعي على الله الكذب بما ادّعاه، فلا أدري بأي حالة هي له رجا أن يتمّ دعواه في دين الله، فو الله ما يعرف حلالاً من حرام، ولا يفرّق بين خطأ وصواب، فما يعلم حقّاً من باطل، ولا محكماً من متشابه، ولا يعرف حدّ الصلاة ولا وقتها، أم بورعٍ فالله شهيد على تركه الصلاة الفريضة أربعين يوماً، يزعم ذلك لطلب الشعوذة (الشعبدة) ولعل خبره تأدّى إليكم، وهاتيك طروق منكره منصوبة، وآثار عصيانه لله عز وجل في كتابه مشهورة قائمة، أم بآيةٍ فليأتِ بها، أم بحجّة فليعمها، أم بدلالةٍ فليذكرها، قال الله عزّوجل في كتابه بسم الله الرحمن الرحيم (حم، تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالأْرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ، قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الأْرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ، وَ إِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ)  فالتمس ـ تولّى الله توفيقك ـ من هذا الظالم ما ذكرت لك وامتحنه واسأله عن آية من كتاب الله يفسّرها أو صلاة يبيّن حدودها وما يجب فيها لتعلم حاله ومقداره، ويظهر لك عواره ونقصانه والله حسيبه، حفظ الله الحق على أهله وأقرّه في مستقره، وقد أبى الله عز وجل أن تكون الإمامة في أخوَين إلاّ في الحسن والحسين وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحق واضمحلّ الباطل وانحسر عنكم، وإلى الله أرغب في الكفاية وجميل الصنع والولاية، وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على محمّد وآل محمّد.

نحن صنايع ربنا

كانت شهادة الإمام الحسن العسكري عليه السلام  قد أخذت حيزاً من الجدال المحتدم في من يخلف الإمام عليه السلام  من بعده، ومن هو ولده؟ على أن الإمام عليه السلام  لم يترك الأمر هكذا دون أن يوصي بولده والإمام من بعده الإمام الحجة عليه السلام : وامكان بعضهم من مشاهدته والوقوف على معجزاته صلوات الله عليه، الا أن هناك جهداً سياسياً يحاول اثارة الشكوك في ولادة الإمام عليه السلام  واستغلال سذاجة البعض في امكانية وجوده إيّان غيبته.

لم يدخر الإمام الحجة عليه السلام  جهداً لايضاح ما أشكل على البعض وتأكيده عليه السلام  على أن مثل هذه الاثارات لا تتعدى عن فتنٍ تحاول بعض الجهات السياسية اثارتها واستغلالها.

والرسالة التالية نموذجاً حياً لمثل هذه المحاولات التي وصفها الإمام عليه السلام  بالفتن ودعا لشيعته أن يعافيهم الله عنها ويجنيهم اياها.

عن أبي عمر والعمري قال تشاجر ابن ابي غانم القزويني وجماعة من الشيعة في الخلف وذكر ابن ابي غانم ان ابي محمد مضى ولا خلف له ثم انهم كتبوا في ذلك كتابا وانفذوه إلى الناحية وأعلموه بما تشاجروا فيه، فورد جواب كتابهم بخطه عليه السلام وعلى آله وآبائه: بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله واياكم من الفتن، ووهب لنا ولكم روح اليقين، واجارنا واياكم من سوء المنقلب، إنه انهي اليّ ارتياب جماعة منكم في الدين، وما دخلهم من الشك والحيرة في ولاة أمــرهم، فغمــنا ذلك لكم لا لنا وساءنا فيكم لا فينا، لان الله معنا فــلا

فاقة بنا إلى غيره، والحق معنا فلن يوحشنا من قعد، ونحن صنايع ربنا والخلق بعد صنايعنا: يا هؤلاء: ما لكم في الريب تترددون وفي الحيرة تنعكسون، أوما سمعتم الله عزوجل يقول (يا أيها الذي آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) أوما علمتم ما جائت به الآثار مما يكون يحدث في ائمتكم على الماضين والباقين منهم السلام اوما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون اليها وأعلاماً تهتدون بها من لدن آدم عليه السلام  إلى أن ظهر الماضي، كلما غاب علم بدا علم وإذا أفل نجم طلع نجم، فلما قبضه الله إليه ظننتم أن الله أبطل دينه وقطع بينه وبين خلقه، كلاّما كان ذلك وما يكون حتى تقوم الساعة ويظهر أمر الله وهم كارهون، وإن الماضي مضى عليه السلام سعيداً فقيداً على منهاج آبائه عليهم السلام  حذو النعل بالنعل وفينا وصيه وعلمه ومنه خلفه ومن يسد مسده ولا ينازعنا موضعه الا ظالم آثم ولا يدعيه دوننا الا كافر جاحد، ولولا أن أمر الله لا يغلب وسره لا يظهر ولا يعلن لظهر لكم من حقنا ما نبتز منه لقولكم ويزيد شكوككم، ما شاء الله كان ولكل أجل كتاب، فاتقوا الله وسلّموا لنا وردوا الأمر الينا، فعلينا الإصدار كما كان منا الإيراد، ولا تحاولوا كشف ما غطيَ عنكم ولا تميلوا عن اليمين وتعدلوا إلى اليسار، واجعلوا قصدكم إلينا بالمودة على السنة الواضحة فقد نصحت والله شاهد علي وعليكم، ولولا ما عندنا من محبة صاحبكم ورحمتكم والاشفاق عليكم لكنا عن مخاطبتكم في شغل مما قد امتحنا به من منازعة الظالم العتل الضال المتتابع في غيه المضاد لربه المدعي ما ليس له الجاحد حق من افترض الله طاعته الظالم الغاصب وفي إبنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  وعليها لي أسوة حسنة وسيردى الجاهل رداء علمه وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار، عصمنا الله وإياكم من المهالك والاسواء والآفات والعاهات كلها برحمته فانه ولي ذلك والقادر على ما يشاء، وكان لنا ولكم ولياً حافظاً والسلام على جميع الاوصياء والاولياء والمؤمنين ورحمة الله وبركاته وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليماً.

إعلموا أن الحقَّ معنا وفينا

 

جاء في كتاب كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي رحمه الله المتوفى سنة 381 هـ ص 537 ما يلي:

كان خرج إلى العمري وابنه رضي الله عنهما، ما رواه سعدبن عبد الله:

ما أثبته الشيخ أبو جعفر عن الناحية المقدسة: (وفقّكما الله لطاعته، وثبّتكما على دينه، وأسعدكما بمرضاته، إنتهى إلينا ما ذكرتما أن الميثمي (الهيثمي) أخبركما عن المختار ومناظرات من لقي واحتجاجه بأنه لا خلف غير جعفر بن علي وتصديقه إياه، وفهمت جميع ما كتبتما به مما قال أصحابكما عنه، وأنا أعوذ بالله من العمى بعد الجلاء، ومن الضلالةِ بعد الهدى، ومن موبقات الأعمال ومُرديات الفتن، فإنّه عزّ وجل يقول: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) كيف يتساقطون في الفتنة، ويتردّدون في الحيرة ويأخذون يميناً وشمالاً، فارقوا دينهم، أم ارتابوا، أم عاندوا الحق، أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والأخبار الصحيحة، أو علموا ذلك فتناسوا ما يعلمون، أن الأرضَ لا تخلو من حجة إمّا ظاهراً وإما مغموراً.

أو لم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم واحداً بعد واحد إلى أن أفضى الأمر بأمر الله عز وجل إلى الماضي ـ يعني الحسن بن علي عليه السلام ـ فقام مقام آبائه، يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، كانوا نوراً ساطعاً، وشهاباً لامعاً، وقمراً زاهراً،ثم اختار الله ـ عز وجل ـ له ما عنده، فمضى على منهاج آبائه عليهم السلام حذو النعل بالنعل على عهدٍ عهده، ووصيةٍ أوصى بها إلى وصيٍّ ستره الله عز وجل بأمره إلى غاية، وأخفى مكانه بمشيئة للقضاء السابق والقدر النافذ، وفينا موضعه، ولنا فضله، ولو قد أذن الله عز وجل فيما قد منعه عنه، وأزال عنه ما قد جرى به من حكمه لأراهم الحق ظاهراً بأحسن حلية وأبين دلالة وأوضح علامة، ولأبان عن نفسه وقام بحجته، ولكن أقدار الله عز وجل لا تُغالَب، وإرادته لا تُردّ، وتوفيقه لا يُسبق، فليَدَعوا عنهم اتّباع الهوى، وليُقيموا على أصلهم الذي كانوا عليه، ولا يبحثوا عما سُتر عنهم فيأثموا، ولا يكشفوا ستر الله عز وجل فيندموا، وليعلموا أن الحقّ معنا وفينا، لا يقول ذلك سوانا إلاّ كذّاب مُفتر، ولا يدّعيه غيرنا إلاّ ضالٌّ غويّ، فليقتصروا منا على هذه الجملة دون التفسير، وليقنعوا من ذلك بالتعريض دون التصريح إن شاء الله.

إنا غير مهملين لمراعاتكم

 

جاء في بحار الأنوار/ المجلد الثالث عشر/ ص 174: ذكر كتاب ورد من الناحية المقدسة حرسها الله ورعاها في أيام بقيت من صفر سنة عشر وأربعمائة على الشيخ ابي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قدس سره، ذكر موصله أنه تحملّه من ناحية متصلة بالحجاز نسخته:

(للأخ السديد، والولي الرشيد، الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله إعزازه من مستودع العهد المأخوذ على العباد:

بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد: سلام عليك أيها المولى المخلص في الدين المخصوص فينا باليقين، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو، ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا نبيّنا محمد وآله الطاهرين، ونعلمك ـ أدام الله توفيقك لنصرة الحق وأجزل مثوبتك على نطقك عنّا بالصدق ـ أنّه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة وتكليــفـك مـا تؤدّيه عــنّا الى موالينا قبلك، أعزهم الله بطاعته وكفاهم المهمّ برعايته لهم وحراسته.فقف ـ أمدّك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه ـ على ما نذكره، واعمل في تأديته إلى مَن تسكن إليه بما نرسمه إن شاء الله، نحن وإن كنّا ثاوين بمكاننا النّائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح، ولشيعتنا المؤمنين في ذلك، ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنّا نحيط علما بأنبائكم، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالزلل الذي أصابكم، مذجنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً، ونبذوا العهد المأخوذ منهم وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون.

إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولو لا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء، فاتّقوا الله جلّ جلاله، وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم، يهلك فيها من حمَّ أجله، ويحمى عليه من أدرك أمله، وهي أمارة لأزوف حركتنا ومباثّتكم بأمرنا ونهينا، والله متمُّ نوره ولو كره المشركون.

اعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية، يحششها عصب أمويّة تهول بها فرقة مهديّة، أنا زعيم بنجاة من لم يرم منها في المواطن الخفية، وسلك في الطعن منها السبل الرضية، إذا حلّ جمادى الأولى من سنتكم هذه، فاعتبروا بما يحدث فيه، واستيقظوا من رقدتكم لما يكون من الذي يليه، ستظهر لكم من السماء آية جليّة، ومن الأرض مثلها بالسويّة، ويحدث في أرض المشرق ما يحزن ويقلق، ويغلب من بعد على العراق طوائف عن الإسلام مرّاق، يضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق.

ثمّ تتفرّج الغمّة من بعده، ببوار طاغوت من الأشرار، يسرّ بهلاكه المتّقون الأخيار، ويتّفق لمريدي الحج من الآفاق، ما يأملونه على توفير غلبة منهم واتّفاق، ولنا في تيسير حجّهم على الاختيار منهم والوفاق، شأن يظهر على نظام واتّساق. فليعمل كلّ امرئ منكم ما يقرب به من محبّتنا وليتجنّب ما يدنيه من كراهيتنا، وسخطنا، فإنّ امرءاً يبغته فجأة حين لا تنفعه توبة، ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة، والله يلهمك الرشد، ويلطف لكم بالتوفيق برحمته.

نسخة التوقيع باليد العليا على صاحبها السلام:

هذا كتابنا إليك أيّها الأخ الوليّ، والمخلص في ودِّنا الصفيّ، والناصر لنا الوفيّ، حرسك الله بعينه التي لا تنام، فاحتفظ به ولا تظهر على خطّنا الذي سطرناه بماله ضمنّاه أحداً، وأدِّ ما فيه إلى من تسكن إليه، وأوص جماعتهم بالعمل عليه إن شاء الله، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

من عبد الله المرابط في سبيله(1)

 

ورد على الشيخ المفيد كتاب من قبل الإمام المهدي عجل الله فرجه يوم الخميس/ الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة واربعمائة للهجرة النبوية الشريفة نسخته:

من عبد الله المرابط في سبيله إلى ملهم الحق ودليله:

بسم الله الرحمن الرحيم، سلامٌ عليك أيها الناصرُ للحق، الداعي إلى كلمة الصدق، فإنا نحمد الله اليك الذي لا اله إلا هو، إلهنا وإله آبائنا الأولين، ونسأله الصلاة على نبينا وسيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. وبعد: فقد كنا نظرنا مناجاتك عصمك الله بالسبب الذي وهبه لك من أوليائه وحرسك من كيد أعدائه، وشفعنا ذلك الآن من مستقر لنا، ينصب في شمراخ من بهماء صرنا إليه آنفا من غماليل ألجأ إليه السباريت من الإيمان، ويوشك أن يكون هبوطنا منه إلى صحصح من غير بعد من الدهر، ولا تطاول من الزمان، ويأتيك نبأ منا بما يتجدد لنا من حال، فتعرف بذلك ما تعتمده من الزلفة إلينا بالأعمال والله موفقك لذلك برحمته. فلتكن حرسك الله بعينه التي لا تنام أن تقابل بذلك، ففيه تبسل نفوس قوم حرثت باطلاً لاسترهاب المبطلين ويبتهج لدمارها المؤمنون، ويحزن لذلك المجرمون. وآية حركتنا من هذه اللوثة حادثة بالحرم المعظم، من رجس منافق مذمم، مستحل للدم المحرم، يعمد بكيده أهل الإيمان، ولا يبلغ بذلك غرضه من الظلم لهـم والعدوان، لأننا من وراء حفظهم بالدعاء الــذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء، فليطمئن بذلك من أوليائنا القلوب وليثقوا بالكفاية منه، وإن راعتهم بهم الخطوب، والعاقبة لجميل صنع الله سبحانه تكون حميدة لهم، ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب. ونحن نعهد إليك أيها الولي المخلص المجاهد فينا الظالمين، أيدك الله بنصره الذي أيد به السلف من أوليائنا الصالحين، أنه من اتقى ربه من إخوانك في الدين وخرج عليه بما هو مستحقه كان آمنا من الفتنة المظلمة، ومحنها المظلمة المضلة، ومن بخل منهم بما أعاره الله من نعمته، على من أمره بصلته فإنه يكون خاسراً بذلك لأولاه وآخرته، ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته، على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا، على حق المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه، ولا نؤثره منهم، والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلواته على سيدنا البشير النذير محمد وآله الطاهرين وسلم.

الهوامش:


(1) بحار الأنوار/ للمجلسي/ جـ 53 باب 31، ص 175 ح7.

بعض التوقيعات الشريفة للامام المهدي عليه السلام

 

عن الشيخ الموثوق أبي عمرو العمري رض قال: تشاجر ابن أبي غانم القزويني وجماعة من الشيعة في الخلف، فذكر ابن أبي غانم أنّ أبا محمد ع مضى ولا خلف له، ثم إنّهم كتبوا في ذلك كتاباً وأنفذوه إلى الناحية وأعلموه بما تشاجروا فيه، فورد جواب كتابهم بخطّه صلى الله عليه وعلى آبائه (بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله وإياكم من الفتن، ووهب لنا ولكم روح اليقين، وأجارنا وإيّاكم من سوء المنقلب، إنّه أُنهي إليّ ارتيـاب جماعــة منـــكم في الدين وما دخلهم من الشكّ والحيـرة في ولاة أمرهم، فغمّنا ذلك لكم لا لنا، وساءنا فيكم لا فينا، لأنّ الله معنا فلا فاقة بنا إلى غيره، والحقّ معنا فلن يوحشنا من قعد عنا، ونحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائعنا، يا هؤلاء ما لكم في الريب تتردّدون وفي الحيرة تنعكسون، أ وما سمعتم الله يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) أوما علمتم ما جاءت به الآثار مما يكون ويحدث في أئمّتكم على الماضين والباقين منهم عليهم السلام؟ أوما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها وأعلاماً تهتدون بها من لدن آدم عليه السلام إلى أن ظهر الماضي  عليه السلام، كلّما غاب علم بدا علم، وإذا أفل نجم طلع نجم، فلمّا قبضه الله إليه ظننتم أنّ الله أبطل دينه وقطع السبب بينه وبين خلقه، كلاّ ما كان ذلك ولا يكون حتّى تقوم الساعة ويَظهر أمر الله وهم كارهون، وإنّ الماضي عليه السلام مضى سعيداً فقيداً على منهاج آبائه عليه السلام حذوالنعل بالنعل، وفينا وصيّته وعِلمه، ومنه خلفه ومن يسدّ مسدّه، ولا ينازعنا موضعه إلاّ ظالم آثم، ولا يدّعيه دوننا إلاّ كافر جاحد، ولولا أنّ أمر الله لا يُغلب وسرّه لا يظهر ولا يُعلن لظهر لكم من حقّنا ما تبتزّ منه عقولكم ويزيل شكوككم، ولكنّه ما شاء الله كان، ولكلّ أجل كتاب، فاتّقوا الله وسلِّموا لنا ورُدّوا الأمر إلينا، فعلينا الإصدار كما كان منّا الإيراد، ولا تحاولوا كشف ما غُطّي عنكم، ولا تميلوا عن اليمين وتعدلوا إلى اليسار، واجعلوا قصدكم إلينا بالمودّة على السنّة الواضحة، فقد نصحت لكم والله شاهد علي وعليكم، ولولا ما عندنا من محبّة صاحبكم ورحمتكم والإشفاق عليكم لكنّا عن مخاطبتكم في شغل ممّا قد امتُحنّا به من منازعة الظالم العتلّ الضالّ المتتابع في غيّه، المضادّ لربّه، المدّعي ما ليس له، الجاحد حقّ من افترض الله طاعته، الظالم الغاصب، وفي ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي أسوة حسنة، وسيتردّى الجاهل رداء عمله، وسيعلم الكافر لمن عُقبى الدار، عصمنا الله وإيّاكم من المهالك والأسواء والآفات والعاهات كلّها برحمته، إنّه ولي ذلك والقادر على ما يشاء، وكان لنا ولكم وليّاً وحافظاً، والسلام على جميع الأوصياء والأولياء والمؤمنين ورحمة الله وبركاته، وصلّى الله على النبي محمد وآله وسلّم تسليماً.

وعن سعد بن عبد الله الأشعري عن الشيخ الصدوق أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، أنّه جاء بعض أصحابنا يعلمه أنّ جعفر بن علي كتب إليه كتاباً يعرّفه نفسه ويُعلمه أنّه القيّم بعد أخيه، وأنّ عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه وغير ذلك من العلوم كلّها. قال أحمد بن إسحاق فلمّا قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان عليه السلام وصيّرت كتاب جعفر في درجه، فخرج إليّ الجواب في ذلك (بسم الله الرحمن الرحيم أتاني كتابك أبقاك الله والكتاب الذي أنفذت درجه وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمّنه على اختلاف ألفاظه وتكرّر الخطأ فيه، ولوتدبّرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه، والحمد لله ربّ العالمين حمداً لا شريك له على إحسانه إلينا وفضله علينا، أبى الله عزّ وجل للحقّ إلاّ إتماماً، وللباطل إلاّ زهوقاً، وهوشاهد عليّ بما أذكره، ولي عليكم بما أقوله إذا اجتمعنا لليوم الذي لا ريب فيه ويسألنا عمّا نحن فيه مختلفون، وإنه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعاً إمامة مفترضة ولا طاعة ولا ذمّــة وسأبيّن لكـم جملة تكتفون بها إن شاء الله، يا هذا يرحمــك

الله إنّ الله تعالى لم يخلق الخلق عبثاً ولا أهملهم سدىً، بل خلقهم بقدرته وجعل لهم أسماعاً وأبصاراً وقلوباً وألباباً، ثم بعث النبيين عليهم السلام مبشّرين ومُنذرين، يأمرونهم بطاعته وينهونهم عن معصيته ويعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم، وأنزل عليهم كتاباً وبعث إليهم ملائكة، وباين بينهم وبين من بعثهم إليهم بالفضل الذي جعله لهم عليهم وما آتاهم الله من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة والآيات الغالبة، فمنهم من جعل النار عليه برداً وسلاماً واتّخذه خليلاً، ومنهم من كلّمه تكليماً وجعل عصاه ثعباناً مبيناً، ومنهم من أحيا الموتى بإذن الله، وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله ومنهم من علّمه منطق الطير وأوتي من كلّ شي‏ء، ثمّ بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم رحمةً للعالمين وتمّم به نعمته وختم به أنبياءه وأرسله إلى الناس كافّة، وأظهر من صدقه ما أظهر، وبيّن من آياته وعلاماته ما بيّن، ثمّ قبضه صلى الله عليه وآله وسلم حميداً فقيداً سعيداً، وجعل الأمر من بعده إلى أخيه وابن عمه ووصيّه ووارثه علي بن أبي طالب عليه السلام ثم إلى الأوصياء من ولده واحداً بعد واحد، أحيا بهم دينه وأتمّ بهم نوره وجعل بينهم وبين إخوتهم وبني عمّهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقاً بيّناً تعرف به الحجّة من المحجوج والإمام من المأموم، بأن عصمهم من الذنوب وبرّأهم من العيوب وطهّرهم من الدنس ونزّههم من اللبس، وجعلهم خزّان علمه ومستودع حكمته وموضع سرّه، وأيّدهم بالدلائل، ولولا ذلك لكان الناس على سواء، ولادّعى أمر الله عزّ وجلّ كلّ أحد، ولما عُرف الحقّ من الباطل ولا العلم من الجهل، وقد ادّعى هذا المُبطل المدّعي على الله الكذب بما ادّعاه، فلا أدري بأيّة حالة هي له رجا أن يتمّ دعواه، بفقهٍ في دين الله فوالله ما يعرف حلالاً من حرام، ولا يفرّق بين خطإ وصواب، أم بعلمٍ فما يعلم حقّاً من باطل، ولا محكماً من متشابه، ولا يعرف حدّ الصلاة ووقتها، أم بورع فالله شهيد على تركه الصلاة الفرض أربعين يوماً يزعم ذلك لطلب الشعوذة، ولعلّ خبره تأدّى إليكم، وهاتيك ظروف مسكره منصوبة، وآثار عصيانه لله عز وجل مشهورة قائمة أم بآية فليأت بها أم بحجة فليقمها أم بدلالة فليذكرها قال الله عزّ وجل في كتابه (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ والأرض وما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحقّ وأَجَلٍ مُسَمًّى والَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ قُلْ أرأيتم ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ إئتوني  بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوأَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ وإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ) فالتمس ـ تولّى الله توفيقك ـ من هذا الظالم ما ذكرت لك وامتحنه واسأله عن آية من كتاب الله يفسّرها، أوصلاة يبيّن حدودها وما يجب فيها، لتعلم حاله ومقداره، ويظهر لك عواره ونقصانه، والله حسيبه، حفظ الله الحقّ على أهله، وأقرّه في مستقرّه، وأبى الله عزّ وجل أن تكون الإمامة في الأخوين إلاّ في الحسن والحسين، وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحقّ واضمحلّ الباطل وانحسر عنكم، وإلى الله أرغب في الكفاية وجميل الصنع والولاية، وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلّى الله على محمد وآل محمد).

 محمد بن يعقوب الكليني عن إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري رحمه الله أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عليه السلام (أما ما سألتَ عنه أرشدك الله وثبّتك ووقاك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمّنا، فاعلم أنّه ليس بين الله عزّ وجل وبين أحدٍ قرابة، ومن أنكرني فليس منّي، وسبيله سبيل ابن نوح، وأمّا سبيل ابن عمي جعفر وولده فسبيل إخوة يوسف عليه السلام، وأمّا الفقاع فشربه حرام، ولا بأس بالشلماب، وأمّا أموالكم فلا نقبلها إلا لتطهروا فمن شاء فليصل ومن شاء فليقطع، وما آتانا الله خير ممّا آتاكم، وأمّا ظهور الفرج فإنّه إلى الله وكذب الوقّاتون، وأمّا قول من زعم أنّ الحسين لم يُقتل فكفر وتكذيب وضلال، وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله، وأمّا محمد بن عثمان العمري فرضي الله عنه وعن أبيه من قبل، فإنّه ثقتي وكتابه كتابي، وأمّا محمد بن علي بن مهزيار الأهوازي فسيصلح الله قلبه ويزيل عنه شكّه، وأمّا ما وصلنا به فلا قبول عندنا إلاّ لما طاب وطهر، وثمن المغنّية حرام، وأمّا محمد بن شاذان بن نعيم فإنّه رجل من شيعتنا أهل البيت، وأمّا أبوالخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع ملعون وأصحابه ملعونون، فلا تجالس أهل مقالتهم فإنّي منهم بري‏ء وآبائ عليهم السلام منهم براء، وأمّا المتلبّسون بأموالنا فمن استحلّ منها شيئاً فأكله فإنّما يأكل النيران، وأمّا الخمس فقد أُبيح لشيعتنا وجُعلوا منه في حلّ إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث، وأمّا ندامة قوم شكوا في دين الله على ما وصلونا به فقد أقلنا من استقال فلا حاجة إلى صلة الشاكّين، وأمّا علّة ما وقع من الغيبة فإنّ الله عزّ وجل يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) إنه لم يكن أحد من آبائي إلاّ وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإنّي أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب، وإني لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، فأغلقوا أبواب السؤال عمّا لا يعنيكم ولا تتكلّفوا عِلم ما قد كُفيتم، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإنّ ذلك فرجكم، والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتّبع الهدى.

 أبوالحسن علي بن أحمد الدلال القمي قال: اختلف جماعة من الشيعة في أنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى الأئمة ص أن يخلقوا ويرزقوا، فقال قوم: هذا محال لا يجوز على الله تعالى لأنّ الأجسام لا يقدر على خلقها غير الله عزّ وجلّ، وقال آخرون: بل الله أقدر الأئمة على ذلك وفوّض إليهم فخلقوا ورزقوا، وتنازعوا في ذلك نزاعاً شديداً فقال قائل: ما بالكم لا ترجعون إلى أبي جعفر محمّد بن عثمان فتسألوه عن ذلك ليوضح لكم الحقّ فيه، فإنّه الطريق إلى صاحب الأمر، فرضيت الجماعة بأبي جعفر وسلّمت وأجابت إلى قوله، فكتبوا المسألة وأنفذوها إليه، فخرج إليهم من جهته توقيع نسخته (إنّ الله تعالى هو الذي خلق الأجسام وقسم الأرزاق، لأنّه ليس بجسم ولا حالّ في جسم، ليس كمثله شي‏ء وهو السميع البصير، وأمّا الأئمّة عليهم السلام فإنّهم يسألون الله تعالى فيخلق، ويسألونه فيرزق، إيجاباً لمسألتهم وإعظاماً لحقّهم.

 عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ره قال: حدّثني محمد بن إبراهيم بن الاحتجاج إسحاق الطالقاني قال: كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه مع جماعة منهم علي بن عيسى القصري، فقام إليه رجل فقال له: أريد أن أسألك عن شي‏ء، فقال له: سل عمّا بدا لك، فقال الرجل: أخبرني عن الحسين بن علي عليه السلام أهو وليّ الله؟ قال: نعم. قال: أخبرني عن قاتله لعنه الله أهو عدوّ لله؟ قال: نعم. قال الرجل: فهل يجوز أن يسلّط الله عزّ وجلّ عدوّه على وليّه؟ فقال أبو القاسم قدّس الله روحه: افهم عنّي ما أقول لك، اعلم أنّ الله تعالى لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان، ولا يشافههم بالكلام، ولكنّه جلّت عظمته يبعث إليهم من أجناسهم وأصنافهم بشراً مثلهم، ولوبعث إليهم رسلاً من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم، فلمّا جاءوهم وكانوا من جنسهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق قالوا لهم: أنتم بشر مثلنا لا نقبل منكم حتّى تأتونا بشي‏ء نعجز من أن نأتي بمثله فنعلم أنكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه، فجعل الله عزّ وجل لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها، فمنهم من جاء بالطوفان بعد الإعذار والإنذار فغرق جميع من طغى وتمرّد، ومنهم من أُلقي في النار فكانت عليه برداً وسلاماً، ومنهم من أخرج من الحجر الصلب الناقة وأجرى من ضرعها لبناً، ومنهم من فلق له البحر وفجّر له من العيون وجعل له العصا اليابسة ثعباناً تلقف ما يأفكون، ومنهم من أبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى بإذن الله وأنبأهم بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم، ومنهم من انشقّ له القمر وكلّمته البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك فلما أتوا بمثل ذلك، وعجز الخلق عن أممهم من أن يأتوا بمثله، كان من تقدير الله جلّ جلاله ولطفه بعباده وحكمته أن جعل أنبياءه مع هذه المعجزات في حال غالبين وأخرى مغلوبين، وفي حال قاهرين وأخرى مقهورين، ولو جعلهم الله في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين ولم يبتلهم ولم يمتحنهم لاتّخذهم الناس آلهةً من دون الله عزّ وجل، ولَما عُرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار، ولكنّه جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين، وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبّرين، وليعلم العباد أنّ لهم عليهم السلام إلهاً هو خالقهم ومدبرهم فيعبدوه ويُطيعوا رسله، وتكون حجّة الله ثابتة على من تجاوز الحدّ فيهم وادّعى لهم الربوبيّة أوعاند وخالف وعصى وجحد بما أتت به الأنبياء والرسل، وليهلك من هلك عن بيّنة ويحيا من حيّ عن بيّنة. قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق  رض: فعدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ره في الغد وأنا أقول في نفسي (أتراه ذكر لنا ما ذكر يوم أمس من عند نفسه) فابتدأني وقال: يا محمد بن إبراهيم لأن أخرّ من السماء فتختطفني الطير أوتهوي بي الريح في مكان سحيق أحبّ إليَّ من أن أقول في دين الله برأيي ومن عند نفسي، بل ذلك عن الأصل ومسموع من الحجّة صلوات الله عليه وسلامه.

ملعون ملعون من سماني في محفل من الناس(*)

 

حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثني جعفر بن محمد بن مسعود وحيدر بن محمد بن السمرقندي قالا: حدثنا أبو النضر محمد بن مسعود قال: حدثنا آدم بن محمد البلخي قال: حدثنا علي بن الحسن الدقاق وإبراهيم بن محمد قالا: سمعنا علي بن عاصم الكوفي يقول: خرج في توقيعات صاحب الزمان: ((ملعون ملعون من سماني في محفل من الناس)).(1)

الهوامش:

(*) كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق.

(1) قال علي بن عيسى الاربلي رحمه الله: من العجب أنّ الشيخ الطبرسي والشيخ المفيد رحمها الله قالا: إنّه لايجوز ذكر اسمه ولا كنيته. ثمّ يقولان: إنّ اسمه اسم النبي وكنيته كنيته صلى الله عليه وآله وسلم. وهما يظنّان أنّهما لم يذكرا اسمه ولاكنيته، وهذا عجيب. والذي أراه أنّ المنع من ذلك إنّما كان في وقت الخوف عليه والطلب له والسؤال عنه، فأمّا الآن فلا، والله اعلم انتهى.

ويحكم أما تقرؤون ما قال عزّ وجل: ((وجعلنا بينهم وبين القرى........(*)

 

حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثني محمد بن صالح الهمداني قال: كتبت إلى صاحب الزمان عليه السلام: إن أهل بيتي يؤذونني ويقرعونني(1) بالحديث الذي روي عن آبائك عليهم السلام أنهم قالوا: قوّامنا وخدّامنا شرار خلق الله، فكتب عليه السلام: ((ويحكم أ ما تقرءون ما قال عز وجل: ((وجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً))(2) ونحن والله القرى التي بارك الله فيها وأنتم القرى الظاهرة)).

قال عبد الله بن جعفر: وحدثنا بهذا الحديث علي بن محمد الكليني عن محمد بن صالح عن صاحب الزمان عليه السلام.

 الهوامش:

(*) كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق.

(1) التقريع: التعنيف.(الصحاح). وفي بعض النس: يفزعونني.

(2) سورة سبأ: الاية 18.

قل للمهزياريّ قد فهمنا ماحكيته عن موالينا....(*)

 

حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه عن سعد بن عبد الله عن علي بن محمد الرازي المعروف بعلان الكليني قال: حدثني محمد بن جبرئيل الأهوازي عن إبراهيم ومحمد ابني الفرج عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار أنه ورد العراق شاكا مرتادا فخرج إليه ((قل للمهزياري قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بناحيتكم فقل لهم أما سمعتم الله عز وجل يقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) هل أمر إلا بما هو كائن إلى يوم القيامة أ ولم تروا أن الله عز وجل جعل لكم معاقل تأوون إليها وأعلاما تهتدون بها من لدن آدم عليه السلام إلى أن ظهر الماضي أبو محمد صلى الله عليه وآله وسلم كلما غاب علم بدا علم وإذا أفل نجم طلع نجم فلما قبضه الله إليه ظننتم أن الله عز وجل قد قطع السبب بينه وبين خلقه كلا ما كان ذلك ولا يكون حتى تقوم الساعة(1) ويظهر أمر الله عز وجل وهم كارهون يا محمد بن إبراهيم لا يدخلك الشك فيما قدمت له فإن الله عز وجل لا يخلي الأرض من حجة أ ليس قال لك أبوك قبل وفاته أحضر الساعة من يعير هذه الدنانير التي عندي فلما أبطأ ذلك عليه وخاف الشيخ على نفسه الوحا(2) قال لك عيرها على نفسه وأخرج إليك كيسا كبيرا وعندك بالحضرة ثلاثة أكياس وصرة فيها دنانير مختلفة النقد فعيرتها وختم الشيخ بخاتمه وقال لك اختم مع خاتمي فإن أعش فأنا أحق بها وإن أمت فاتق الله في نفسك أولا ثم في فخلصني وكن عند ظني بك أخرج رحمك الله الدنانير التي استفضلتها من بين النقدين من حسابنا وهي بضعة عشر دينارا واسترد من قبلك فإن الزمان أصعب مما كان وحسبنا الله ونعم الوكيل)) قال محمد بن إبراهيم وقدمت العسكر زائرا فقصدت الناحية فلقيتني امرأة وقالت أنت محمد بن إبراهيم فقلت نعم فقالت لي انصرف فإنك لا تصل في هذا الوقت وارجع الليلة فإن الباب مفتوح لك فادخل الدار واقصد البيت الذي فيه السراج ففعلت وقصدت الباب فإذا هو مفتوح فدخلت الدار وقصدت البيت الذي وصفته فبينا أنا بين القبرين أنتحب وأبكي إذ سمعت صوتا وهو يقول يا محمد اتق الله وتب من كل ما أنت عليه(3) فقد قلدت أمرا عظيما.

الهوامش:

(*) كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق.

(1) في بعض النسخ: إلى أن تقوم الساعة.

(2) الوحا: السرعة والبدار، والمعنى أنّه خاف على نفسه سرعة الموت.

(3) يعني من الوكالة.

استولدها ويفعل الله مايشاء، والمحبوس يخلّصه الله (*)

 

حدثنا أبي رضي الله عنه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الصالح قال: كتبت أسأله الدعاء لباد شاله(1) وقد حبسه ابن عبد العزيز وأستأذن في جارية لي أستولدها فخرج: ((استولدها ويفعل الله ما يشاء والمحبوس يخلصه الله)) فاستولدت الجارية فولدت فماتت وخلي عن المحبوس يوم خرج إليّ التوقيع.

قال: وحدثني أبو جعفر ولد لي مولود فكتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع أو الثامن فلم يكتب شيئا فمات المولود يوم الثامن ثم كتبت أخبر بموته فورد: ((سيخلف عليك غيره وغيره فسمه أحمد ومن بعد أحمد جعفراً)) فجاء كما قال عليه السلام: قال: وتزوجت بامرأة سرا فلما وطئتها علقت وجاءت بابنة فاغتممت وضاق صدري فكتبت أشكو ذلك فورد: ((ستكفاها)) فعاشت أربع سنين ثم ماتت فورد: ((إن الله ذو أناة وأنتم تستعجلون)).

قال: ولما ورد نعي ابن هلال لعنه الله(2) جاءني الشيخ فقال لي: أخرج الكيس الذي عندك فأخرجته إليه فأخرج إلي رقعة فيها: ((وأما ما ذكرت(3) من أمر الصوفي المتصنع -يعني الهلالي- فبتر الله عمره)) ثم خرج من بعد موته ((فقد قصدنا فصبرنا عليه فبتر الله تعالى عمره بدعوتنا))(4).

 الهوامش:

(*) كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق.

(1) كذا. وفي بعض النسخ المصحّحة: صحّحه بـ((بادا شاكه)) وعلى مافي المتن كأنّه اسم رجل مركّب من فارسي هو((بادا)) ومن ((إن شاء الله)) فإنّ اهل الفرس كثيراً ما يستعملونها((شاله))..

(2) يعني احمد بن هلال العبرتائي. والمراد بالشيخ: ابو القاسم الحسين بن روح كما يظهر من كتاب الاحتجاج.

(3) الخطاب للشيخ ظاهراً.

(4) البتر بتقديم الموحّدة على المثناة: القطع.

أخطأت بردّك برّنا، فإذا استغفرت الله عزّ وجلّ.....(*)

 

حدثني أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن علان الكليني عن الحسن بن الفضل اليماني قال: قصدت سر من رأى فخرجت إلي صرة فيها دنانير وثوبان فرددتها وقلت في نفسي: أنا عندهم بهذه المنزلة فأخذتني الغرة(1) ثم ندمت بعد ذلك فكتبت رقعة أعتذر من ذلك وأستغفر ودخلت الخلاء وأنا أحدث نفسي وأقول: والله لئن ردت إلي الصرة لم أحلها ولم أنفقها حتى أحملها إلى والدي فهو أعلم بها مني قال: ولم يشر علي من قبضها مني بشي‏ء ولم ينهني عن ذلك فخرج إليه ((أخطأت إذ لم تعلمه أنا ربما فعلنا ذلك بموالينا وربما يسألونا ذلك يتبركون به)). وخرج إليّ ((أخطأك بردك برنا فإذا استغفرت الله عز وجل فالله يغفر لك فأما إذا كانت عزيمتك وعقد نيتك أن لا تحدث فيها حدثا ولا تنفقها في طريقك فقد صرفناها عنك وأما الثوبان فلا بد منهما لتحرم فيهما)).

قال: وكتبت في معنيين وأردت أن أكتب في معنى ثالث فقلت في نفسي: لعله يكره ذلك فخرج إلي الجواب للمعنيين والمعنى الثالث الذي طويته ولم أكتبه.

قال: وسألت طيبا فبعث إلي بطيب في خرقة بيضاء فكانت معي في المحمل فنفرت ناقتي بعسفان(2) وسقط محملي وتبدد ما كان فيه فجمعت المتاع وافتقدت الصرّة واجتهدت في طلبها حتى قال لي بعض من معنا ما تطلب؟ فقلت: صرّة كانت معي قال: وما كان فيها؟ قلت نفقتي قال: قد رأيت من حملها فلم أزل أسأل عنها حتى أيست منها فلما وافيت مكة حللت عيبتي وفتحتها فإذا أول ما بدر علي منها الصرة وإنما كانت خارجا في المحمل فسقطت حين تبدد المتاع.

قال: وضاق صدري ببغداد في مقامي وقلت في نفسي: أخاف أن لا أحج في هذه السنة ولا أنصرف إلى منزلي وقصدت أبا جعفر أقتضيه جواب رقعة كنت كتبتها فقال لي: صر إلى المسجد الذي في مكان كذا وكذا فإنه يجيئك رجل يخبرك بما تحتاج إليه فقصدت المسجد وأنا فيه إذ دخل علي رجل فلما نظر إلي سلم وضحك وقال لي: أبشر فإنك ستحج في هذه السنة وتنصرف إلى أهلك سالما إن شاء الله تعالى.

قال: وقصدت ابن وجناء أسأله أن يكتري لي ويرتاد عديلا فرأيته كارها ثم لقيته بعد أيام فقال لي: أنا في طلبك منذ أيام قد كتب إلي وأمرني أن أكتري لك وأرتاد لك عديلا ابتداء فحدثني الحسن أنه وقف في هذه السنة على عشر دلالات والحمد لله رب العالمين.

الهوامش:

(*) كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق.

(1) في بعض النس: العزّة. وفي بعضها: الغيرة.

(2) كعثمان موضع على مرحلتين من مكّة.

لاتخرج معها فما لك في الخروج خيرة وأقم بالكوفة (*)

 

حدثنا أبي رضي الله عنه عن سعد بن عبد الله عن علي بن محمد الشمشاطي رسول جعفر بن إبراهيم اليماني قال: كنت مقيما ببغداد وتهيأت قافلة اليمانيين للخروج فكتبت أستأذن في الخروج معها فخرج ((لا تخرج معها فما لك في الخروج خيرة وأقم بالكوفة)) فخرجت القافلة وخرجت عليها بنو حنظلة فاجتاحوها(1) قال: وكتبت أستأذن في ركوب الماء فخرج ((لا تفعل)) فما خرجت سفينة في تلك السنة إلا خرجت عليها البوارج(2) فقطعوا عليها.

قال: وخرجت زائرا إلى العسكر فأنا في المسجد [الجامع] مع المغرب إذ دخل علي غلام فقال لي: قم فقلت: من أنا وإلى أين أقوم فقال لي: أنت علي بن محمد رسول جعفر بن إبراهيم اليماني قم إلى المنزل قال: وما كان علم أحد من أصحابنا بموافاتي(3) قال: فقمت إلى منزله واستأذنت في أن أزور من داخل فأذن لي.

الهوامش:

(*) كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق.

(1) اجتاح الشيء: استأصله، والجائحة: الآفة.

(2) جمع البارجة وهي سفينة كبيرة للقتال، والشرير.

(3) وافيت القوم: أتيتهم.

يا نصر بن عبد ربه قل لأهل مصر آمنتم... (*)

 

حدثنا أبي رضي الله عنه عن سعد بن عبد الله عن علان الكليني عن الأعلم المصري عن أبي رجاء المصري قال خرجت في الطلب بعد مضي أبي محمد عليه السلام بسنتين لم أقف فيهما على شي‏ء فلما كان في الثالثة كنت بالمدينة في طلب ولد لأبي محمد عليه السلام بصرياء وقد سألني أبو غانم أن أتعشى عنده وأنا قاعد مفكر في نفسي وأقول لو كان شي‏ء لظهر بعد ثلاث سنين فإذا هاتف أسمع صوته ولا أرى شخصه وهو يقول يا نصر بن عبد ربه قل لأهل مصر آمنتم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث رأيتموه قال نصر ولم أكن أعرف اسم أبي وذلك أني ولدت بالمدائن فحملني النوفلي وقد مات أبي فنشأت بها فلما سمعت الصوت قمت مبادرا ولم أنصرف إلى أبي غانم وأخذت طريق مصر قال وكتب رجلان من أهل مصر في ولدين لهما فورد أما أنت يا فلان فآجرك الله ودعا للآخر فمات ابن المعزى.

 الهوامش:

(*) كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق.

في الدار قد أعطيت ما سألت  (*)

 

حدثني أبي رضي الله عنه قال حدثني سعد بن عبد الله قال حدثني علي بن محمد بن إسحاق الأشعري قال كانت لي زوجة من الموالي قد كنت هجرتها دهرا فجاءتني فقالت إن كنت قد طلقتني فأعلمني فقلت لها لم أطلقك ونلت منها في هذا اليوم فكتبت إلي بعد أشهر تدعي أنها حامل فكتبت في أمرها وفي دار كان صهري أوصى بها للغريم عليه السلام أسأل أن يباع مني وأن ينجم على ثمنها فورد الجواب في الدار قد أعطيت ما سألت وكف عن ذكر المرأة والحمل فكتبت إلي المرأة بعد ذلك تعلمني أنها كتبت بباطل وأن الحمل لا أصل له والحمد لله رب العالمين.

 الهوامش:

(*) كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق.

قد وصلت الخمسمائة درهم التي لك فيها... (*)

 

حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن شاذان بن نعيم الشاذاني قال اجتمعت عندي خمسمائة درهم ينقص عشرين درهما فوزنت من عندي عشرين درهما ودفعتهما إلى أبي الحسين الأسدي رضي الله عنه ولم أعرفه أمر العشرين فورد الجواب قد وصلت الخمسمائة درهم التي لك فيها عشرون درهما قال محمد بن شاذان أنفذت بعد ذلك مالا ولم أفسر لمن هو فورد الجواب وصل كذا وكذا منه لفلان كذا ولفلان كذا قال وقال أبو العباس الكوفي حمل رجل مالا ليوصله وأحب أن يقف على الدلالة فوقع عليه السلام إن استرشدت أرشدت وإن طلبت وجدت يقول لك مولاك احمل ما معك قال الرجل فأخرجت مما معي ستة دنانير بلا وزن وحملت الباقي فخرج التوقيع يا فلان رد الستة دنانير التي أخرجتها بلا وزن ووزنها ستة دنانير وخمسة دوانيق وحبة ونصف قال الرجل فوزنت الدنانير فإذا هي كما قال عليه السلام.

 الهوامش:

(*) كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق.

بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد...  (*)

 

حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المكتب قال كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري قدس الله روحه فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة الثانية فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قال فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه فقيل له من وصيك من بعدك فقال لله أمر هو بالغه ومضى رضي الله عنه فهذا آخر كلام سمع منه.

الهوامش:

(*) كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة